مقالات مختارة

انكشاف السفراء السعوديين

حسن البراري
1300x600
1300x600

وكأن متوالية الإخفاقات السعودية في السياسة الخارجية لا تكفي، إذ انبرى السفير السعودي في الأردن الأمير خالد بن فيصل بن تركي والسفير السعودي في الجزائر سامي صالح، في إطلاق التهديدات الفارغة لكل من ينتقد القيادة السعودية! فالسعودية اشتاطت غضبا عندما رفعت الجماهير الجزائرية صورةً مقسومة بين الرئيس ترامب والملك سلمان كتب في أسفلها "وجهان لعملة واحدة" وفي الخلفية المسجد الأقصى المبارك المحتل من قبل الصهاينة، وفي ذلك إشارة واضحة إلى (ما تعتبره قطاعات واسعة من الجماهير العربية) تفاهما سعوديا أمريكيا حول قرار الرئيس ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

 

وفي الأردن تحوّل السفير السعودي إلى شخصية إشكالية بعد أن تجاوز حده كسفير وأصبح مفتيا في الشأن الأردني، وهو أمر لم تستحسنه الجماهير الأردنية التي تُحمّل القيادة السعودية مسؤولية انهيار النظام العربي وتتهمها بشكل مباشر بالتواطؤ مع الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر في موضوع نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. فالسعودية لم تعتد على توجيه الأردنيين سهام نقدهم لها، وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ حرب تحرير الكويت، لكن بالنسبة إلى الأردنيين فالقدس خط أحمر ومن أجلها يهون كل شيء حتى التحالفات التقليدية.

 

من أي إناء ينضح هؤلاء السفراء؟ فالدبلوماسية السعودية التقليدية كانت تستند إلى الاشتباك الإيجابي ولم يسجل عليها أنها كانت صدامية وبخاصة عندما تكون السعودية في الجانب الخاطئ من التاريخ، ففي السابق تمكنت القيادات السعودية من تخطي أعتى الأزمات بحنكة واقتدار، بيد أن هناك ما يشير إلى أن الرياض تغادر مربع الدبلوماسية الناعمة، وهذا أمر غير مستحسن وبخاصة مع تعمق إخفاقاتها الإقليمية. فأكثر ما يغيظ القيادة السعودية بالإضافة إلى فشلها الذريع في كل الملفات الإقليمية، هو الإدراك الشعبي العربي بهذا الفشل. وحتى نكون منصفين فإن السعودية بهذه المقاربة المتهورة أصبحت أقل احتراما وأقل تأثيرا ولا يخشاها أحد.

 

لسنا في موقع من يقدم النصح للقيادة السعودية التي أصبحت واشنطن قبلتها، لكن ومن باب التذكير يمكن القول إنه لا أحد فوق النقد. وهذا بالضبط ما يستلزم على السفراء السعوديين استبطانه في قادم الأيام، فالشعوب العربية الحرة التي تنتفض ضد قادتها لا يمكن لأحد أن يقمعها أو يهددها، فما عسى السعودية أن تقوم به ضد الشعب الجزائري الذي قدم مليون ونصف المليون شهيد في سبيل استقلاله وما يمكن للسعودية أن تقوم به ضد الشعب الأردني الذي خاض معارك كبرى على ثرى فلسطين الطاهر وروت دماء آلاف الشهداء الأردنيين القدس وما حولها؟! 

 

كانت النصيحة بجمل والآن تقدم مجانا، وهنا نقول ربما آن الأوان للرياض أن تتخلص من أوهام أنها الدولة الأهم والقادرة على التأثير وإخضاع الجميع وفقا لمصالح قيادتها ورؤيتهم. وتحسن الرياض صنعًا إن أجرت مراجعات عميقة لمقاربتها الهجومية التي تساهم في عزلتها أكثر من أي وقت مضى. وبات حريا أن يعيد صناع القرار في السعودية النظر في اعتمادهم المطلق على الولايات المتحدة التي لم تتردد عن القفز من سفينة أي حليف إقليمي إن طالتها الأمواج العاتية.

 

لا يزال الأمل يحدو البعض في أن توقف السعودية مسلسل الهزائم والخسائر وأن تحول ثروتها لخدمة ازدهار المجتمع السعودي، فالأخير يستحق العناية والاهتمام وأن يؤخذ على محمل الجد، صحيح أن هناك أطماعا مشروعة للقيادة السعودية، لكن هناك أيضا حدود لا يمكن تجاوزها، وهناك أهداف لا يمكن تحقيقها إلا باحترام دول الجوار والعمق العربي، أما لعبة التنمر والاستقواء فهي تعبير عن ضعف أو جهل في حركة التاريخ.

 

 

الشرق القطرية
1
التعليقات (1)
مُواكب
الجمعة، 22-12-2017 08:43 م
أختلف مع الكاتب حين يُميِّز بين سعودية اليوم المُتشيطنة، وبين سعودية الأمس ذات الدبلوماسية الناجحة والرزينة. وفي العُمق هي السعودية ذاتها: كل خير يُصيب شُعوب هذه الأمة يُؤذيها ويُضعفها، والعكس صحيح. يذكر الكاتب كيف تآمرت السعودية على نواة الوحدة العربية، واشترت ذمم عُقداء وعمداء في الجيش السوري ليقواموا بانقلابهم الذي نجح في فصل سورية عن مصر بتاريخ 28/ 09/ 1961. ويذكر الكاتب أيضاً، اتفاق الملك فيصل والرئيس الأمريكي جونسون على الإبقاء على احتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، عام 1967 حتى تحقيق الأهداف الأمريكية السعودية المشتركة، أي القضاء على عبد الناصر. أشرار اليوم هم أبناء أشرار الأمس ، لا يختلفون بشيء في عدائهم القاتل للإسلام السني والمسلمين السنة.