كتاب عربي 21

قضية فساد كبيرة تلاحق كيليتشدار أوغلو

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

تفجرت في تسعينيات القرن الماضي؛ فضيحة فساد كبيرة في مدينة إسطنبول التركية، تعرف إعلاميا بــ"فضيحة إيسكي"، في إشارة إلى الاسم المختصر لإدارة المياه والصرف الصحي "إيسكي" التابعة لبلدية إسطنبول، لأن بطل الفضيحة، أرغون غوكنيل، كان يتولى آنذاك منصب المدير العام لتلك الإدارة.

الفضيحة المدوية تفجرت بعد إبداء غوكنيل رغبته في تطليق زوجته ليتزوج امرأة شابة تعمل سكرتيرة له، ودفع إلى زوجته مبلغا ضخما لتقبل الطلاق؛ لا يمكن له أن يدخره بتوفير جزء من راتبه الشهري. وبعد التحقيقات، اتضح أن الرجل كان يتلقى مبالغ طائلة من الشركات التي تفوز في مناقصات إدارته. وكان رئيس بلدية إسطنبول في تلك الفترة من الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي؛ الذي تأسس بعد انقلاب 1980 العسكري امتدادا لحزب الشعب الجمهوري.


فضيحة إيسكي انتهت آنذاك بمحاكمة غوكنيل ومعاقبته بالسجن، كما أدَّت إلى فوز مرشح حزب الرفاه، رجب طيب أردوغان، برئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات المحلية التي أجريت في 27 آذار/ مارس 1994. وكان سكان المدينة العريقة قد عانوا كثيرا من انقطاع المياه لأيام، ومن جبال القمامة التي احتلت الشوارع، وجاءت الفضيحة لتزيد استياء الناخبين من الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي، فعاقبوه في صناديق الاقتراع.

 

 

هناك فضيحة فساد جديدة أكبر من فضيحة إيسكي تلاحق اليوم حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كيليتشدار أوغلو

تلك الفضيحة أصبحت وصمة عار في جبين الخط السياسي الذي يمثله حزب الشعب الجمهوري، إلا أن هناك فضيحة فساد جديدة أكبر من فضيحة إيسكي تلاحق اليوم حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كيليتشدار أوغلو.

وزارة الداخلية التركية أبعدت رئيس بلدية آتاشهير، إحدى أقضية إسطنبول، بطال إلغزدي، عن منصبه في 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بناء على تقارير المحققين والقضايا التي تتم فيها محاكمته بتهمة الفساد. وتشير التقارير إلى أن إلغزدي استغل منصبه لمصالحه الشخصية، والحصول على مبالغ تصل إلى مليارات الليرات، وتوزيع المناقصات على شركات يملكها أقاربه ورجاله.

 

 

علاقة كيليتشدار أوغلو لا تقتصر على عضوية إلغزدي في حزبه فقط، بل تطال خيوط القضية إلى أفراد عائلته والمقربين منه


بطال إلغزدي ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كمال كيليتشدار أوغلو. ولكن علاقة كيليتشدار أوغلو لا تقتصر على عضوية إلغزدي في حزبه فقط، بل تطال خيوط القضية إلى أفراد عائلته والمقربين منه.

زوجة رئيس بلدية آتاشهير المقال، غمزة أكوش إلغزدي، هي الأخرى منتمية إلى حزب الشعب الجمهوري، وعضو في البرلمان التركي عن محافظة إسطنبول، وتملك 12 شقة في "رزيدانس بوز"، وهو أحد المشاريع التي وجهت فيها تهمة الفساد إلى زوجها بطال إلغزدي. كما تملك فيها زينب كيليتشدار أوغلو، ابنة رئيس حزب الشعب الجمهوري، شقة.

 

كيليتشدار أوغلو يكرر في تصريحاته عدم وجود أي فساد، ولكنه يتهرب عن الحديث حول المبلغ الذي اشترت به ابنته تلك الشقة في "رزيدانس بوز"


التقارير تشير إلى أن ثلاثة أشخاص اشتروا شققا في "رزيدانس بوز" بربع قيمتها، وهم: زينب كيليتشدار أوغلو، ابنة كمال كيليتشدار أوغلو، وأونور أوكاي جيلان، شقيق مدير مكتب رئيس حزب الشعب الجمهوري، وأركان كارا أرسلان، المسؤول عن البلديات في تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، الهارب إلى خارج البلاد. واشترى كل واحد من هؤلاء شقة بــ225 ألف ليرة، في الوقت الذي دفع الآخرون لشقة واحدة حوالي مليون ليرة تركية.

ليس هذا فحسب، بل تقول التقارير إن ترشيح بطال إلغزدي لرئاسة بلدية آتاشهير؛ جاء بشكل مفاجئ بعد يوم واحد فقط من شراء شقيق مدير مكتب كيليتشدار أوغلو شقة في "رزيدانس بوز" بربع قيمتها، كما ضمن الرجل ترشيحه لفترة ثانية بعد شراء زينب كيليتشدار أوغلو شقة بذات المبلغ، على الرغم من وجود أصوات عديدة داخل الحزب تعارض ترشيحه لفترة أخرى، بسبب أعماله المشبوهة وعلامات الاستفهام والتهم التي تحيط به.

 


كيليتشدار أوغلو، بعد إبعاد وزارة الداخلية بطال إلغزدي عن رئاسة بلدية أتاشهير، قطع زيارته لبريطانيا ليعود إلى البلاد، وعقد مؤتمرا صحفيا زعم فيه أن بلدية آتاشهير ليس فيها أي فساد، إلا أن القضاء التركي هو الذي سيقول الكلمة الأخيرة في نهاية المحاكمة: هل التهم الموجهة إلى الرجل صحيحة أم لا؟

كيليتشدار أوغلو يكرر في تصريحاته عدم وجود أي فساد، ولكنه يتهرب عن الحديث حول المبلغ الذي اشترت به ابنته تلك الشقة في "رزيدانس بوز"، ولماذا بيعت لها الشقة بربع قيمتها، الأمر الذي يجعل تصريحاته فاقدة المصداقية، وسط أنباء تفيد بأن هناك رؤساء بلديات أخرى، من أعضاء حزب الشعب الجمهوري، سيواجهون قضايا بتهمة الفساد.

التعليقات (0)