ملفات وتقارير

"الجنائية الدولية" ستنظر في جرائم العدوان.. من المستفيد؟

هل يلاحق العرب إسرائيل في المحافل الدولية؟ - جيتي
هل يلاحق العرب إسرائيل في المحافل الدولية؟ - جيتي

وافقت الدول الـ123 الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية خلال اجتماع في نيويورك على إضافة "جريمة العدوان" إلى قائمة الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، كما أفادت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس.

وقال دبلوماسيان: "لقد أقرّينا بالإجماع تفعيل جريمة العدوان" كإحدى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.

ومع أن "نظام روما الأساسي" الذي يرعى عمل المحكمة أدخل "جريمة العدوان" في نطاق اختصاصها، إلا أن هذا النص ظل دون تفعيل بسبب الطابع السياسي البالغ الحساسية لهذه الجريمة التي تتعلق بشن دولة هجوما مسلحا واسع النطاق على دولة أخرى ذات سيادة وتحديد مَن مِن قادة الدولة المعتدية مسؤول عن ارتكاب هذه الجريمة.

الجازي: 70 دولة تقريبا ليسوا أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بينهم 3 أعضاء دائمين في مجلس الأمن


والمحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي هي أول محكمة دولية دائمة، مكلفة بملاحقة متهمين بارتكاب جرائم إبادة أو حرب أو ضد الإنسانية.

من جهتها قالت الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الوادي بالجزائر، كينة محمد لطفي، إن جريمة العدوان مرت بمرحلتين الأولى أثناء انعقاد المؤتمر الدبلوماسي المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1988، والمرحلة الثانية أثناء المؤتمر الاستعراضي في مدينة كاملابا بأوغندا سنة 2010.

وفي ورقة اطلعت عليها "عربي21" أشارت لطفي إلى أن القرار لقي معارضة من دول قلة، متذرعة بعراقيل قانونية وسياسية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت أن هنالك مشكلة في تعريف جريمة العدوان، ومشكلة في دور مجلس الأمن، وإن الولايات المتحدة الأمريكية متشككة فيما إذا كان المؤتمر سوف يستطيع أن يعتمد تعريفا مرضيا.

وأيدتها إسرائيل التي قالت إنها غير مقتنعة بوجوب إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، وإن هنالك مشكلة في تعريف الجريمة.

كما عارضت دول أخرى مثل المكسيك وباكستان والمغرب إدراج الجريمة ضمن اختصاص المحكمة، وعلى الجانب الآخر كان أبرز المؤيدين لضمها لاختصاص المحكمة، مصر، وسوريا، وإيران، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا ودول أخرى.

ويعني العمل العدواني كما عرفه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 كما يأتي:

(أ‌)قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو مؤقتا.

(ب) قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.

(ج) ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى.

(د) قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى.

(هـ) قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق. 

(و) سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة لارتكاب عمل عدوان ضد دولة ثابتة.

(ز) إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعدة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك. 

خبير القانون الدولي، ووزير العدل الأردني الأسبق، الدكتور إبراهيم الجازي قال لـ"عربي21" إن المحكمة لا يمكنها النظر في القضايا التي تسبق انعقاد الاختصاص، كما لا يمكن البحث في جرائم دولة ليست عضوا في المحكمة، إلا بتحويل ملف القضية للمحكمة من مجلس الأمن الدولي.

وقال إن الجرائم في الوطن العربي وحول العالم ما تزال مستمرة، غير أن هنالك هيمنة سياسية على مجلس الأمن والمحكمة خصوصا في ملف الإحالة كما في الحالة الليبية والسودانية.

وتساءل الجازي عن السبب وراء عدم إحالة القضية الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية، لا سيما بعد انضمام فلسطين، ولماذا لم تنجح الجهود في إحالة الملف السوري أيضا إلى المحكمة؟

 

وكان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وقع طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، كإجراء تصعيدي للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني بعد رفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الفلسطيني الذي يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.


وعبرت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية عن انزعاجها من خطوة عباس التي ستمهد إلى التحقيق فيما إذا كانت إسرائيل ارتكبت جرائم حرب على أراضٍ فلسطينية.

وتابع الجازي: "ليس سرا أن الأمور السياسية تنعكس على أداء المحكمة"، لافتا إلى أن 70 دولة تقريبا ليسوا أعضاء في المحكمة، وأبرزهم ثلاث دول من بين الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية).

وكما أشار خبير القانون الدولي إلى أن هنالك ارتدادات على الإيمان بعمل المحكمة الجنائية وأبرز مظاهرها انسحاب دولة جنوب إفريقيا منها.

وعن الحالة العربية، قال الجازي إننا لا نملك عربيا إلى أن نتمسك بأهداب القانون الدولي؛ لأننا الجزء الأضعف في المعادلة.

ولم يبد تفاؤلا حول إذا ما كان إقرار الجريمة ضمن اختصاص المحكمة، سيمنع أي عدوان مستقبلي، لكنه أشار إلى أن هنالك دوما بارقة أمل.

وانسحبت جنوب إفريقيا من المحكمة الجنائية بعد الجدل الذي أثاره رفضها توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، رغم كون الدولة من أوائل الدول الموقعة على معاهدة روما، المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، لتصبح أولى المغادرين.

ومنذ بداية عمل هذه المحكمة في 2003 فتح قضاتها تحقيقات في تسع دول منها ثماني دول إفريقية.

وكان ذلك محل نقد في القارة الإفريقية، خصوصا من الاتحاد الإفريقي الذي رأى في موقف المحكمة "نوعا من الملاحقة على أساس عنصري".

وفي هذا السياق اتهم وزير العدل الجنوب إفريقي الجمعة المحكمة الجنائية الدولية بأنها "تفضل بالتأكيد استهداف قادة في إفريقيا، واستبعاد الباقين الذين عرفوا بارتكاب هذه الفظاعات في أماكن أخرى" خارج إفريقيا.

0
التعليقات (0)