القدس

بعد قرار ترامب.. هل تختار السلطة الفلسطينية التصعيد؟

رفع المسؤولون الفلسطينيين من مستوى لهجتهم ضد إدارة ترامب بعد قراره بشأن القدس- عربي21
رفع المسؤولون الفلسطينيين من مستوى لهجتهم ضد إدارة ترامب بعد قراره بشأن القدس- عربي21

صعدت السلطة الفلسطينية من مواقفها ضد الإدارة الأمريكية على خلفية قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، فأعلنت رفضها لقاء مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي.

كما رفع المسؤولون الفلسطينيون من مستوى لهجتهم ضد إدارة ترامب بدءا من رفض القرار الأخير، وصولا لاعتبار هذه الإدارة وسيطا غير نزيه لرعاية عملية التسوية و"انتقلت لتكون طرفا في النزاع، وهو ما يتنافى مع أي دور يمكن أن تلعبه في عملية السلام مستقبلا"، وفق وزير الخارجية رياض المالكي.

أوراق ضغط فلسطينية


وتثير هذه المواقف الرسمية الفلسطينية تساؤلات حيال قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة الإدارة الأمريكية، والأوراق التي تمتلكها للخروج من دائرة الضغوط التي طالما مارستها عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

 

اقرأ أيضا: واشنطن تعلق على رفض عباس استقبال نائب ترامب


وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية صبري سميرة أن الأمر متعلق بامتلاك القيادة الفلسطينية "إرادة فلسطينية مبنية على رؤية واستراتيجيه واضحة ومتفق عليها وطنيا".

ويتابع "سُميرة" في حديثه لـ "عربي21": "إذا وُجدت هذه الإرادة ولها برامج واقعية تنفيذية داخل فلسطين وخارجها، عندها يمكن للسلطة الوطنية الفلسطينية والفصائل، قطع علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية ورفض دورها كوسيط في عملية السلام".

ويشير سُميرة إلى أنه "لا توجد مؤشرات حقيقية تدل على أن السلطة جادة في كلامها هذا، واعتبره مجرد مواقف إعلامية، ولفت إلى أن السلطة تملك أكبر ورقة ضغط وهي الواقع والحق الفلسطيني ومبادئ العدالة".

كما اعتبر أستاذ العلوم السياسية، أنه بإمكان "السلطة الفلسطينية تعرية أمريكا وإسرائيل أمام العالم أجمع، إن هي استغلت أوراق الضغط التي بيدها".

 

اقرأ أيضا: عباس يرفض لقاء نائب الرئيس الأمريكي بينس

في المقابل يرى المستشار في "مجموعة مريديان الإستراتيجية للأبحاث السياسية" خالد صفوري، أن السلطة الفلسطينية "لا تملك أوراق ضغط كثيرة والورقة الوحيدة التي بيدها، حل نفسها وتحميل المسؤولية لإسرائيل".

وفي حديثه لـ"عربي21" يقول صفوري: "السلطة تمنح المخرج لإسرائيل التي تحافظ على الأرض بيدها، وتستغل وجود السلطة، من أجل الادعاء بأنها تعطي الفلسطينيين بعض الحقوق".

من البديل؟


وأمام الرفض الدولي والعربي لقرار ترامب الأخير، يبرز السؤال بشأن البديل المحتمل للإدارة الأمريكية في عملية التسوية إن امتلكت السلطة قرار رفض التعامل مع واشنطن.

ويجيب صفوري عن هذا التساؤل بالقول إن "دولا عدة بإمكانها لعب دور الوسيط النزيه"، مشيرا إلى "الدور الأمريكي الفعلي والمؤثر بحق توقف منذ إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون".

وأوضح أن "آخر محاولة أمريكية فعلية كانت في لقاءات كامب ديفيد بين كانون الأول/ ديسمبر 1999 وكانون الثاني/ يناير 2000، أما المحاولات التي بعدها كانت ثانوية، أو مجاملة، مثلما فعل جورج بوش الابن حين عقد مؤتمر أنابولس كرد على المبادرة العربية للسلام والتي قدمها العاهل السعودي السابق في بيروت".

ويلفت صفوري إلى أن الدور الأمريكي حاليا "غير موجود على أرض الواقع، بل هو دور إعلامي فقط"، مضيفا: "أي أحد من السلطة الفلسطينية ينكر هذا الواقع فهو يكذب على نفسه".

من جهته يعلق صبري سُميرة على هذه المسألة بالقول إن "المجتمع الدولي فيه قوى دولية وإقليمية تسعى لتلتصق بالقضية الفلسطينية"، وأضاف: "القضية لا تعدم من يتبناها أو من يدافع عنها أو يستفيد منها".

 

اقرأ أيضا: عباس يعلن نهاية دور الولايات المتحدة في رعاية عملية السلام

وتابع: "ما دامت أمريكا متحكمة بهذا الأمر وحامية تماما لإسرائيل، فإن القوى الأخرى لا تتدخل بطريقة أو بأخرى بسبب دورها المتحكم بالعملية السلمية، ولكن إذا أعلنت واشنطن تخليها عن دور الوسيط العادل والنزيه، عندها يحق للفلسطينيين أن يذهبوا ويستعينوا بقوة تساندهم والعالم مليء بهذه القوى المستعدة لذلك".

هل فقدت أمريكا تأثيرها كوسيط؟

وأمام هذه التطورات، وتشييع قادة فلسطينيين عملية التسوية إلى مثواها الأخيرة، هل يمكن القول إن واشنطن فقدت تأثيرها في القضية الفلسطينية بشكل عام؟

يجيب خالد صفوري بالقول إن الولايات الأمريكية: "يمكنها التأثير فقط على الجانب الفلسطيني، كونه الأضعف وليس بيده سوى الاعتراف بالواقع"، مشيرا إلى أن "الجانب الإسرائيلي يمتلك الأرض والسلاح والجبروت".

ويضيف صفوري: "إسرائيل تمتلك أيضا لوبي صهيونيا قويا في واشنطن، ولا يستطيع أي رئيس أمريكي الوقوف ضده"، وضرب مثالا على ضعف الرؤساء الأمريكيين أمام اللوبي الصهيوني، بما حصل مع الرئيس جورج بوش الأب حين وقف ضدهم في موضوع طلب ضمانات القروض لإسرائيل عام 1992، فخسر الانتخابات على إثرها، لعدم قدرته على مقاومة هذا اللوبي.


ويتفق صبري سميرة مع صفوري بالقول إن "تأثير واشنطن وضغطها يقع على الجانب الفلسطيني فقط"، مشيرا إلى أن "قرار ترامب بيّن أن واشنطن ستبقى واقفة لجانب إسرائيل".

التعليقات (0)