حقوق وحريات

باكستان.. الحكومة تستدعي الجيش إثر فض اعتصام بالقوة

أطباء: 27 شخصا على الأقل أصيبوا، 22 منهم بالرصاص- أ ف ب
أطباء: 27 شخصا على الأقل أصيبوا، 22 منهم بالرصاص- أ ف ب

استدعت الحكومة الباكستانية الجيش النافذ للانتشار في العاصمة إسلام أباد السبت بعدما أدت أعمال عنف اندلعت لدى محاولة قوات الأمن فض اعتصام لإسلاميين متشددين شل العاصمة لأسابيع إلى مقتل شخص على الأقل وإصابة نحو 190. 


وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في حين أغلق المحتجون الشوارع وأحرقوا مركبات الشرطة في محيط منطقة الاعتصام. واتسعت رقعة التظاهرات لتشمل كذلك مدينتي لاهور وكراتشي الرئيسيتين إضافة إلى بلدات أخرى في انحاء البلاد. 


وكانت الشرطة تحاول فض اعتصام تنفذه مجموعة متشددة لا يعرف عنها الكثير تحمل اسم "حركة لبيك يا رسول الله"، بعدما أغلقت الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى إسلام أباد منذ السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، ما تسبب باختناقات مرورية أغضبت السكان.


ولم يتضح عدد المتظاهرين الذين بقوا في شوارع العاصمة في وقت متأخر السبت. وسجل وجود نحو 2000 محتج عند بدء التحرك فيما أفاد مراسلو وكالة فرانس بأن العشرات غيرهم توافدوا إلى المكان أثناء النهار. 


وتراجعت الشرطة والقوات المساندة لها عقب الاشتباكات التي قتل فيها شخص وأصيب 190 بينهم 137 من عناصر الأمن.

 

اقرأ أيضا: فض اعتصام بالقوة في باكستان.. المعارضة: الحكومة فقدت صوابها

وبعد وقت قصير، تقدمت سلطات العاصمة بطلب لتدخل الجيش. 


وأفاد الأمر الصادر عن وزارة الداخلية أن الحكومة الفدرالية أذنت بنشر "ما يكفي من القوات لضبط القانون والنظام" في المدينة حتى إشعار آخر.


ولم يصدر أي تعليق بعد من مسؤولين عسكريين ولم يظهر أي تواجد لعناصر الجيش في الشوارع في وقت متأخر السبت. 


وشكلت التظاهرات تهديدا لحكومة حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز" قبيل الانتخابات العامة المنتظرة العام المقبل.


ولم يتجاوز الحزب بعد قرار المحكمة العليا إقالة رئيس الوزراء السابق نواز شريف إثر اتهامه بالفساد قبل عدة أشهر. أما وزير المالية إسحق دار المتورط كذلك باتهامات بالفساد فحصل على إجازة طبية بلا أجل محدد. 


ودخل شريف مرارا في سجالات مع المؤسسة العسكرية التي حكمت باكستان لنحو 35 عاما. 


وتزايدت الاتهامات للحكومة بالتخبط في ردها على التظاهرات بعدما ترددت السلطات في تفريق المتظاهرين خشية اندلاع العنف في وقت ازداد غضب السكان جراء الاختناقات المرورية مع تعطل حركة السير بشكل يومي على مدى أسابيع. 


ومنعت سلطة تنظيم وسائل الإعلام في باكستان قنوات التلفزيون المحلية من بث مشاهد مباشرة للمواجهات السبت فيما أعلن موقع "تويتر" أنه "يراقب" التقارير التي أشارت إلى قيام الحكومة بحجبه، مضيفا: "نأمل بأن تعود الخدمة بشكل كامل قريبا". 


حالة من الخوف 

 
ويطالب المحتجون باستقالة وزير العدل زاهد حميد على إثر جدل يتعلق بتعديل تم التخلي عنه في نهاية المطاف، للقسم الذي يؤديه المرشحون للانتخابات.


ويعتبر المتظاهرون هذا التعديل تجديفا -- القضية الخلافية جدا في باكستان المسلمة -- مؤكدين أن تبسيط القسم يسمح بمشاركة الأحمديين الذي يشكلون أقلية في البلد.


وفي وقت سابق في كراتشي، أفادت الشرطة أن نحو 200 متظاهر أغلقوا شارعا رئيسيا وميناء في الجنوب فيما أفاد أطباء أن 27 شخصا على الأقل أصيبوا، 22 منهم بالرصاص.


وأغلقت الأسواق في المدينة التي تعد قلب باكستان التجاري والتزم السكان منازلهم فيما دعا رجال دين إلى مزيد من التظاهرات لنصرة النبي محمد. 


 وأفاد مراسل وكالة فرانس برس في لاهور، عاصمة إقليم البنجاب، أن الشرطة أغلقت الطريق الرئيسي في المدينة الواقعة في شرق البلاد بسبب اندلاع احتجاجات فيما سعى مسؤولو المدينة إلى نشر قوات شبه عسكرية. وتحدثت تقارير إعلامية عن خروج تظاهرات أصغر في عدة بلدات أخرى في أنحاء البلاد. 


ومع امتداد المواجهات، طلب قائد الجيش الباكستاني من رئيس الوزراء شهيد خاقان عباسي معالجة الوضع "سلميا"، بحسب ما قال الناطق باسم الجيش العميد اصف غفور على "تويتر".


ودعا الجنرال قمر جاويد باجوا الجانبين إلى تجنب العنف "لأنه ليس من المصلحة الوطنية".


وضع "قابل للانفجار"


وينتمي المتظاهرون إلى الطائفة البريلوية المرتبطة بالصوفية. ورغم الانطباع السائد أن الطائفة معتدلة إلا أن إعدام ممتاز قدري، وهو أحد أفرادها، عام 2016 بعدما اغتال محافظ البنجاب الليبرالي سلمان تيسير بسبب موقف الأخير من قوانين التجديف في البلاد، دفع المنتمين للمجموعة إلى اتخاذ مواقف متشددة إزاء أي محاولة لإصلاح القانون. 


وقال المحلل السياسي حسن عسكري إن "هؤلاء الأشخاص كانوا حاقدين أصلا على الحكومة التي منحتهم فرصة للتعبير عن غضبهم". 


وأعرب المتظاهرون مرارا عن استعدادهم للموت من أجل قضيتهم ما أثار مخاوف السلطات وتسبب بترددها في التحرك. 


لكن ذلك أثار حفيظة القضاء الباكستاني إذ أصدرت المحكمة العليا بيانا لاذعا في وقت سابق من هذا الأسبوع وهددت محكمة إسلام أباد العليا باتخاذ إجراءات بحق مسؤولي الحكومة. 


ورأى محللون أن الحكومة تركت قضية صغيرة تتفاقم لتتحول إلى وضع ينطوي على مخاطر. 


وحتى قبل اشتباكات السبت، تسبب الاعتصام بوفاة طفل يبلغ ثمانية أعوام إثر تأخر سيارة الإسعاف في الوصول إلى المستشفى بسبب إغلاق الطرق. 


وقال المحلل امتياز غول لفرانس برس إن "المماطلة لأسباب سياسية لها كلفتها وهذا ما تدفع الحكومة ثمنه" حاليا، مضيفا أن الوضع "قابل للانفجار".

التعليقات (0)