كتاب عربي 21

مع نهاية العام 2017: لبنان والمنطقة بين خياري التسوية والحرب الشاملة؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
تدور في بيروت نقاشات مغلقة بين عدد من الباحثين السياسيين والناشطين في بعض مراكز الدراسات والقيادات السياسية والحزبية حول افاق المرحلة المقبلة على ضوء التطورات الجارية في لبنان وسوريا والعراق وفي ظل استمرار التصعيد الاميركي – الاسرائيلي ضد ايران وحزب الله وتلاقي هذا التصعيد مع المواقف التصعيدية لبعض الدول العربية (السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين) ضد ايران والحزب وحلفائهما.

وهناك وجهتا نظر حول ما ستحمله الاسابيع القليلة المقبلة والتي تفصلنا عن نهاية العام 2017: الاولى تعتبر ان محور سوريا وايران وحزب الله ومعهما روسيا والعراق قد حقق انجازات ميدانية على الارض وان القوى الاخرى (اميركا والسعودية وحلفاؤهما) مضطرون للقبول بما تحقق ولن يستطيعوا تغيير الموازين الجديدة وانهم سيقدمون تنازلات عملية في الملفات الاخرى (اليمن والبحرين)، واما تركيا فهي حائرة بين الاتجاهين فمن ناحية تمد يد التعاون للمحور الاول ومن ناحية اخرى تبقي خيوط التواصل مع المحور الثاني وهي تسعى لتثبيت موقعها السياسي والميداني في سوريا والعراق.

واما وجهة النظر الثانية فتعتبر ان هناك مبالغات في الحديث عن الانتصارات من قبل المحور السوري – الايراني وحلفائهما ، فرغم التقدم الحاصل في سوريا والعراق من قبل انصار هذا المحور، فان القوى الاخرى لا تزال تلعب دورا اساسيا في الاحداث ، فالاميركيون يقفون وراء القوى الكردية في سوريا والعراق وهم يحركون الاحداث وفق روزنامة معينة ، فاحيانا يتقدمون واحيانا يتراجعون قليلا، كما ان العمليات التي تستهدف الجيش السوري وحلفائه مستمرة على اكثر من جبهة وكلما اعلن عن انهاء دور تنظيم داعش نشهد عمليات عسكرية جديدة من قبل التنظيم، كما ان السعودية لا تزال لاعبا قويا في العديد من الساحات وهي تشن هجوما مضادا سياسيا واعلاميا واقتصاديا في اكثر من ساحة وتعمل لتعزيز علاقتها مع روسيا، والاميركيون والاسرائيليون يصعدون في مواقفهم ضد ايران وحلفائها في المنطقة وهناك تحضيرات سياسية واعلامية وميدانية لشن عدوان واسع ضد حزب الله في سوريا ولبنان قبل نهاية العام الحالي.

اصحاب وجهة النظر الاولى يستندون في رؤيتهم على العديد من المعطيات والمعلومات الواردة من الميدان وخصوصا في سوريا والعراق، وهم يؤكدون ان كل الاوراق التي استخدمتها اميركا وحلفائها لاسقاط النظام السوري او لتغيير المشهد العراقي او لضرب حزب الله قد فشلت ، وهاهو تنظيم داعش ينحسر والورقة الكردية تفشل ، وحركة حماس تعود الى طهران وتستعد للعودة الى دمشق ، وكل ذلك يؤكد ان هذا المحور قد انتصر وان اي تصعيد ميداني او سياسي لم يعد مفيدا ولذا ليس امام الاميركيين والسعوديين سوى البحث عن حلول سياسية، وان روسيا قد تكون عرابة الحلول المقبلة وان تركيا ليست بعيدة عن هذه الاجواء.

في حين يدعو اصحاب وجهة النظر الاخرى الى عدم المسارعة في حسم النتائج والاحتفال بالانتصار، لان الاسابيع القليلة المقبلة ستكون حافلة بالتطورات السياسية والميدانية وان التصعيد الاميركي – الاسرائيلي – السعودي- الاماراتي سيستمر في كل الساحات وان هذه الدول لن تسمح للنظام السوري وايران وحزب الله وحلفائهم بتحقيق الانتصار الكامل وان كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها التصعيد الميداني الواسع في سوريا ولبنان، وان روسيا لن تستطيع وقف مثل هذا التصعيد.

اذن نحن امام وجهتي نظر حتى بين اصحاب الاتجاه السياسي الواحد والنقاشات حامية في بيروت بين الباحثين السياسيين وداخل اروقة مراكز الدراسات وكذلك بين اصحاب القرار، ومع ان الوقائع الميدانية والسياسية هي لصالح وجهة النظر الاولى ، فان المطلوب حسب وجهة النظر الثانية عدم النوم على حرير والبقاء في حالة يقظة وانتباه كي لا يتفاجىء الجميع بتطورات ميدانية غير متوقعة من قبل البعض.
0
التعليقات (0)