سياسة عربية

ردود المغاربة على اتهامات الجزائر بتبييض الأموال

عبد القادر مساهل
عبد القادر مساهل

عبرت الأبناك والمقاولات المغربية عن استيائها من تصريحات وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل ضد المغرب، وقالت إن هذه الاتهامات "لا أساس لها من الصحة". 

واتهم وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، المغرب بتبييض الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات في بنوك موجودة في عدد من الدول الأفريقية، وأن شركات النقل المغربية التي تقوم برحلات نحو دول أفريقية لا تقوم فقط بنقل المسافرين، مشيرا أن "العديد من القادة والزعماء الأفارقة يعرفون هذا الأمر ويقرون به""، على حد زعمه.

اقرأ أيضا: الجزائر: المغرب يهرب الحشيش.. والرباط تستدعي السفير (شاهد)

اتحاد المقاولات: تصريحات لا مسؤولة

أعرب اتحاد مقاولات المغرب عن شجبه ورفضه "بشدة" التصريحات "اللامسؤولة" و"الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة" التي وجهها وزير الخارجية الجزائري لفاعلين اقتصاديين مغاربة يشتغلون في القارة الإفريقية.

وأكد الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في بلاغ، الأحد، أن "هذه التصريحات المسيئة تشكل أولا سبة لذكاء نظرائنا، الفاعلين الاقتصاديين الجزائريين، المدركين لدقة النموذج الاقتصادي والشراكة المغربية، التي تقوم على أساس جنوب - جنوب رابح، وحامل للتنمية وللتطور لمجموع قارتنا".

وأضاف الاتحاد أن "هذه التصريحات، الخطيرة والعارية من الصحة، تشكل أيضا مسا بسيادة الدول الأفريقية واعتداء على هيئاتها المختصة في الحكامة والضبط والأمن"، مذكرا بأن المسؤول الجزائري هاجم، في خطاب أمام ثلة من الفاعلين الاقتصاديين،بالخصوص الأبناك المغربية وشركة الخطوط الملكية المغربية و"هما مؤسسات نموذجية في مجال الانخراط والتنمية والتضامن مع جميع البلدان الأفريقية".

وأكد المصدر ذاته أن هذه المؤسسات تشارك مع نظيراتها القارية وكذا مع مقاولات وطنية أخرى في النهوض الاقتصادي لأفريقيا وفي توطيد نموذج شراكة رابح - رابح يقوم على أساس الاحترام المتبادل ونقل المعرفة.

اقرأ أيضا: "جزائريون_و_مغاربة_شعب_واحد".. ومطالبات بإقالة مساهل

وحرص الاتحاد العام لمقاولات المغرب على توضيح أن الأبناك المغربية، التي تشتغل وفقا لأفضل المعايير العالمية والحاضرة اليوم في أزيد من عشرين دولة في أفريقيا أسهمت منذ عدة سنوات في تمويل الاقتصادات المحلية والمشاريع الاستثمارية، وكذلك تعميم ولوج سكان البلدان الشقيقة في أفريقيا للخدمات البنكية.

وأكد الاتحاد العام لمقاولات المغرب على الدور الرئيس الذي تقوم به الخطوط الملكية المغربية في إقامة ربط جوي يمكن من نقل مليوني مسافر سنويا في 27 بلدا أفريقيا وتكثيف العلاقات التجارية. ويذكر في هذا الصدد بأن الخطوط الملكية المغربية كانت، سنة 2015، من باب التضامن، شركة الطيران الوحيدة التي حافظت على رحلاتها في اتجاه العديد من البلدان الأفريقية التي تضررت بشدة من وباء إيبولا.

وأبرز الاتحاد أن "التزام المقاولات المغربية في أفريقيا لا يخضع لتقلبات الظرفية الاقتصادية. بل هو انعكاس لاقتناع قوي لا بتزعزع بمؤهلات أفريقيا وإستراتيجية التنمية والشراكة طبقا لرؤية الملك محمد السادس".

وحرص الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي أشاد بعمل كل المقاولات المغربية التي تشتغل في القارة الأفريقية، على التذكير بإسهامها في مجالات التنمية من خلال إنجاز مشاريع البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية، وكذا إحداث قيمة مضافة وخلق مناصب شغل محلية.

أبناك المغرب: التصريحات جهل بقواعد الحكامة

بدوره قال التجمع المهني لأبناء المغرب ردا على تصريحات وزير الخارجية الجزائري، إن "هذه الادعاءات تدل على الجهل التام والفاضح بقواعد الحكامة والأخلاقيات التي تسير أنشطة الأبناك المغربية في العالم، وبطبيعة الحال في القارة الأفريقية".

وأشار التجمع المهني لأبناك المغرب، في بلاغ له، أن "هذه التصريحات نفسها تندرج بشكل كلي في الاتجاه المعاكس للتطور المؤسساتي والاقتصادي الذي عرفه إخواننا الأفارقة في جميع المجالات".

وأكد أنه "باعتراف الهبئات الدولية خاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمجموعة الحكومية المعترف بها عالميا (مجموعة العمل المالي) ووكالات التنقيط ومراقبي الملاءمة في العالم، يعد القطاع البنكي المغربي مرجعا في منطقة "مينا" وأفريقيا بفضل قوته وأدائه واحترامه لقواعد الحذر الأكثر تقدما خاصة منها قواعد بال 2 و3 وإ.إف.إر.إس….".

وأضاف المصدر ذاته أن القطاع البنكي المغربي "معترف به أيضا بفضل حكامته الجيدة، وشفافيته وعمله على مكافحة تبييض الرساميل وتمويل الإرهاب طبقا لقواعد مجموعة العمل المالي الذي يعد المغرب عضوا مؤسسا فيها، وذلك علاوة على مختلف الالتزامات الدولية للملاءمة ومبادلات المعلومات المالية التي ينخرط فيها المغرب".

وأوضح البلاغ أن المؤسسات البنكية المغربية المرتبطة بأبناك دولية مرموقة مؤطرة بتشريع بنكي من أكثر التشريعات عصرية مع قواعد متقدمة لمكافحة تبييض الرساميل، وتخضع لإشراف بنكي صارم ومتواصل من البنك المركزي للمغرب (بنك المغرب).

وأشار إلى أن الأبناك المغربية تطبق هذه الصرامة في الملاءمة في مجال تطورها على الصعيد الدولي بما في ذلك في أفريقيا من خلال استراتيجية معرفة بشكل واضح ونموذج شفاف في جميع جوانبه الاقتصادية والمالية والتقنية والبشرية والاجتماعية، مضيفا أن "القطاع البنكي المغربي، القوي بكل هذه المزايا، يثق في قارتنا الأفريقية وينخرط في الميدان في تطورها لفائدة ساكنتها واقتصادها، وذلك منذ عقود".

وقال المصدر "سنبقى حذرين ومعبئين من أجل الحفاظ وتعزيز حضورنا وإسهامنا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأفريقيا، في إطار الاحترام الدقيق والمتواصل للممارسات الدولية الفضلى وكذا القواعد والمعايير الأكثر حداثة".

وخلص البلاغ إلى أن التجمع المهني لأبناك المغرب يحتفظ بجميع حقوق الرد على التصريحات الخطيرة لوزير الشؤون الخارجية الجزائري.

الخطوط الملكية: جهل مطبق بقطاع النقل الجوي

وقالت الخطوط الملكية المغربية، ردا على تصريحات المسؤول الجزائري التي اتهم فيها الشركة بأنها "لا تقوم فقط بنقل المسافرين عبر رحلاتها إلى دول إفريقية”، إن تصريحه "يعكس جهلا مطبقا بقطاع النقل الجوي كمجال يخضع لتقنين شديد من قبل هيئات دولية مؤهلة على أعلى مستوى".

وتساءلت الشركة "كيف يمكن للحظة واحدة تصور أن المنظمة الدولية للطيران المدني تقبل أن يسمح أحد أعضائها، المغرب، لشركته الجوية بنقل مواد غير مشروعة؟"، مبرزة أن المنظمة الدولية وسلطات النقل الجوي في كل بلد تبدي بالغ اليقظة والحرص على الاحترام التام للتشريع الدولي في مجال الأمن والسلامة.

وأوضحت أن "وزير الخارجية الجزائري ظن أن بإمكانه التشهير بالخطوط الملكية المغربية من خلال الإدلاء بتصريحات لا أساس لها"، مضيفة أن "هذه التصريحات صدرت، بالتأكيد، بنية الإساءة إلى إشعاع المغرب من خلال شركته الوطنية للنقل الجوي".

وأعربت الخطوط الملكية المغربية عن شجبها للافتراءات الصادرة عن وزير الخارجية الجزائري تجاه "شركة جوية تعمل منذ سنوات عديدة من أجل توطيد الروابط الاجتماعية والاقتصادية بأفريقيا"، مؤكدة أن الشركة معترف بها دوليا، وتعمل وفق أرقى معايير تنظيم النقل الجوي العالمي.

الدبلوماسيون الأفارقة: تجاوز الحدود

أعرب السلك الديبلوماسي الأفريقي بالرباط، عن نأيه بنفسه عن التصريحات "المتجاوزة للحد" و"غير المفهومة" التي لن تسهم إلا في تسميم الأوضاع، التي أدلى بها وزير الخارجية الجزائري ضد المغرب.

وفي هذا الإطار، صرح السفير نيماغا إسماعيلا، عميد السلك الديبلوماسي الأفريقي متحدثا باسم السفراء الأفارقة بالرباط، أن "رؤساء بعثات البلدان الإفريقية اطلعوا باستغراب على تصريحات (وزير الخارجية الجزائري) التي صدرت عن شخص مخول له التحدث من السلطات الجزائرية أكثر من غيره".

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش اجتماعات تواصلية نظمتها أمس السبت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي مع السفراء الأفارقة المعتمدين بالرباط، في أعقاب تصريحات وزير الخارجية الجزائري ضد المغرب، أعرب السفير إسماعيلا عن أسفه لكون "مثل هذه التصريحات لن تسهم إلا في تسميم الأوضاع".

ووصف عميد السلك الديبلوماسي الأفريقي ما نسبه الوزير الجزائري في هذه التصريحات إلى قادة دول أفريقية بكونه "متجاوزا للحد"، مذكرا في هذا الصدد بأن قادة البلدان الأفارقة سيجتمعون قريبا بأديس أبابا وستكون المناسبة سانحة لطلب "توضيحات" حول إدراجهم في مثل هذه التصريحات.

وأكد السفير إسماعيلا أن تصريحات الوزير الجزائري تبدو غير ذات معنى خاصة أنه "داخل الاتحاد الأفريقي، حيى قادة الدول الأفريقية بالإجماع عودة المغرب، أو بالأحرى استعادة مكانته، لأن المغرب لم يغادر أبدا أسرته" المؤسسية.

ولم يفت عميد السلك الديبلوماسي الأفريقي أن يشير إلى المصادفة بين خرجة وزير الخارجية الجزائري والجولة التي قام بها في المنطقة المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للصحراء، وأكد أن "ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لقضية الصحراء سيكون شاهد عيان لما يمكنه أن يعرقل هذه الإجراءات".

وأكد السفير نيماغا إسماعيلا أن هذه التصريحات غير المرغوب فيها تأتي "في وقت اعترفت فيه جميع القوى الدولية ودعمت رؤية المغرب بالنسبة لقضية الصحراء، مؤكدة أن هذا المقترح هو الأكثر مصداقية وعقلانية".

وباسم جميع السفراء الأفارقة بالرباط، حرص العميد على التأكيد أن "الشعب المغربي، الموحد وراء الملك، اختار دائما طريق التفاوض، ونحن نشجعه على هذا الاتجاه".

وفي الختام، أكد العميد إسماعيلا ، متحدثا باسم السفراء الأفارقة، أن "السياسة الأفريقية للمغرب توجد في حالة جيدة جدا"، مشيدا "بتبصر المغرب وبالأخص انخراطه في جعل القارة تتحدث بصوت واحد".

وخلص إلى أن قادة الدول الأفريقية يعلقون الكثير من الآمال على أن "عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي سيسهم في تعزيز قدرات الاتحاد"، نحو تكفل حقيقي ونهائي من أجل أن تظل أفريقيا موحدة.

التعليقات (0)