اقتصاد عربي

هذه مخاوف اللبنانيين من إقرار الموازنة لأول مرة منذ 12 عاما

خبير اقتصادي يعتبر إقرار الموازنة العامة للبلاد يوما أسود في تاريخ لبنان- أ ف ب
خبير اقتصادي يعتبر إقرار الموازنة العامة للبلاد يوما أسود في تاريخ لبنان- أ ف ب
أثار إقرار مجلس النواب اللبناني، الموازنة العامة للعام المالي 2017، لأول مرة منذ عام 2005، حالة من الجدل في الأوساط الاقتصادية اللبنانية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت الذي رحب فيه المؤيدون للموازنة العامة للمرة الأولى منذ 12 عاما باعتبارها خطوة تصحيحية في اتجاه ضبط الانفاق العام بالبلاد، انتقد المعارضون أن إقرار الموازنة بهذه الطريقة تقنين لعمليات الفساد وإهدار المال العام طوال العقد الماضي، إلى جانب ما شاب عملية إقرار الموازنة من شبه دستورية، بحسب رأيهم.

وبعد ثلاثة أيام من المناقشات، أقر البرلمان اللبناني أمس، بأكثرية النواب، أول موازنة للبنان منذ 12 عاما، بسبب الأزمات السياسية المتلاحقة والانقسامات التي حالت سابقا دون إجراء مثل هذا التصويت، وفق ما أفادت به الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، من دون تحديد الأرقام الإجمالية للإيرادات والنفقات.

وكانت إحدى العقبات الرئيسية التي حالت دون إقرار ميزانية 2017 والميزانيات السابقة، مطالبة بعض السياسيين بإجراء "قطع حساب"، وهو ما يعني مراجعة الإنفاق من خارج الميزانية عن السنوات الماضية.

واعتبر الخبير الاقتصادي، كمال حمدان، إقرار الموازنة لأول مرة منذ 12 عاما خطوة جيدة، في فترة تتزايد فيها المخاوف من استسهال أطراف متعددة لاقتناص المال العام، بعد تبخر جزء كبير من الدعم المالي الخارجي الذي كانت تحصل عليه لبنان نتيجة للتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة وانخفاض أسعار النفط الذي أثر بشكل كبير على الدول المانحة.

وقال حمدان في تصريحات لـ "عربي21": "على الرغم من أنني كنت ممن دعوا إلى فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح وعلى البيع العقاري وعلى أرباح الفوائد المصرفية، إلا أنني أرى أن أرحب بتلك الخطوة في سبيل ضبط الانفاق العام"، محذرا في الوقت نفسه من تزايد الانحراف في بنية النظام الضريبي في البلاد التي شهدت على مدار العقود الأربعة الماضية، صدمات اقتصادية أطاحت بالقسم الأكبر من الشرائح المتوسطة والفقيرة.

اقرأ أيضا: لبنان تقر أول موازنة للبلاد منذ 12 عاما

وأضاف الخبير الاقتصادي: "إقرار موازنة 2017 خطوة جزئية من مجموعة خطوات يمكن البناء عليها لتصحيح المسار المالي في 2018، أما إذا تم إقرار موازنة 2018 على غرار موازنة 2017، فإن باب الشك والقلق سيبقى قائما"، مطالبا بضرورة إخضاع الإنفاق العام إلى المزيد من الضبط والمساءلة والمكاشفة، وفرملة الإهدارات الكبيرة وترشيدها في أهم بند من بنود الموازنة العامة.

ويعود تاريخ آخر موازنة أقرها مجلس النواب اللبناني إلى عام 2005، قبل أن تؤدي الخلافات السياسية بين "التيار الوطني الحر" بزعامة، النائب ميشال عون، و"تيار المستقبل" بزعامة النائب سعد الحريري، إلى تجميد الموازنات التي أعدتها الحكومات المتعاقبة دون عرضها على مجلس النواب.

وقال وزير المال اللبناني علي حسن خليل لـ"رويترز" بعد التصويت، إنها "خطوة أساسية في مسار عمل الدولة يعود فيها الانتظام إلى المالية العامة، ومن شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة".

وأضاف حسن خليل أن إقرار موازنة عام 2017 "يمهد لإقرار موازنة عام 2018 على أسس علمية متضمنة رؤية اقتصادية تلحظ تطور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلد، وستتضمن مجموعة من الإجراءات المالية والإصلاحية لتخفيض نسبة العجز وزيادة النمو".

وتابع: "سوف نعمل على إقرار موازنة عام 2018 في أقرب وقت وسنقرها قبل نهاية العام الحالي".

ومن ناحيته اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة: إقرار الموازنة العامة للبلاد يوما أسود في تاريخ لبنان، قائلا: "نعم أنا مع إنجار إقرار الموازنة لكن أن تكون بالأصول".

وأضاف عجاقة خلال تصريحات متلفزة: "لكي يقروا الموازنة علقوا العمل بالمادة 87 في الدستور، وهذا سيفتح الباب أمام التلاعب بمواد الدستور"، مستطردا: "أنا مع إقرار الموازنة العامة لأن المسؤول عن ارتفاع الدين العام اللبناني الذي يقارب حاليا 32 مليار دولار، هو الانفاق من خارج الموازنة، لكن ليست بدون قطع حساب، إضافة إلى أن إقرار الموازنة بهذا الشكل لا يعفينا من الماضي وحجم المخالفات الكبيرة خلال العقدين الماضيين".

وأوضح عجاقة أن قطع الحساب ما هو إلا أداة دستورية بيد مجلس النواب تمكنه من مراقبة الحكومة للسقف المحدد للموازنة، متسائلا كيف تقر الحكومة موازنة دون إعلان عن الحجم الحقيقي للمديونية اللبنانية؟

وتوقع الخبير الاقتصادي أن "يتقدم عدد من النواب بالطعن على عدم دستورية الموازنة، لكن الإشكالية السياسية التي قد تعرقل الطعن هي شرط توقيع عدد 10 نواب على الطعن، وهذا سيكون صعبا في ظل تداخل المصالح السياسية للأحزاب المؤيدة والمعارضة"، مؤكدا أن لبنان بحاجة إلى خطة اقتصادية منهجية تتطلب التزام المؤسسات الاقتصادية بها.

وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إقرار البرلمان للموازنة العامة، معتبرين أنها "قوننة لأكبر وأضخم عملية هدر واستهتار وتسيب تطال الأموال العامة بتاريخ لبنان".

وقالوا إن إقرار الموازنة بدون قطع حساب دليل على الفوضى المالية في لبنان، متسائلين: "إلى متى سيبقى الشعب يدفع الضريبة؟".





التعليقات (0)