اقتصاد عربي

خيارات صعبة أمام بيع "أرامكو".. هل تورطت السعودية؟

قرار خصخصة حصة من أرامكو أحدث هزة عنيفة فليس على مستوى الشارع السعودي فحسب بل "العالمي" أيضا- جيتي
قرار خصخصة حصة من أرامكو أحدث هزة عنيفة فليس على مستوى الشارع السعودي فحسب بل "العالمي" أيضا- جيتي
تواجه المملكة العربية السعودية خيارات صعبة بشأن عملية الطرح العام الأولي المزمع لشركة النفط السعودية "أرامكو"، المملوكة للدولة، وسط توقعات ترجح تأجيل عملية الطرح لأجل غير مسمى، رغم نفي الشركة ذلك، وتأكيدها إتمام الطرح في موعده المقرر عام 2018.

وأعلنت السعودية عزمها طرح بيع 5 في المئة من أسهم شركة النفط العملاقة، من أجل توفير مصادر تمويل أخرى للعائدات الحكومية، لتقلل من اعتمادها على النفط.

وتسعى أسواق مال دولية إلى اقتناص حصة 5% من أسهم النفط السعودية العملاقة، وتتنافس بورصتا لندن ونيويورك للفوز بعملية الطرح الأولي، في حين تتطلع أسواق هونج كونج وسنغافورة وطوكيو وترونتو أن يكون لها دور في عملية البيع، وهو ما اعتبره محللون ماليون سلاحا ذو حدين.

وقالوا خلال حديثهم لـ "عربي21"، إن هذا التنافس الدولي يشكل ضغطا كبيرا على صانع القرار السعودي، مرجحين أن يكون الحديث عن اتجاه السعودية لتأجيل الطرح، ودخول الصين على خط التنافس بتقديم عرض لشراء 5 % من أسهم الشركة بشكل مباشر، إما جزءا من مناورة سعودية لدراسة الخيارات الأفضل، أو ورطة سعودية قد يكون لها تبعات سلبية على المملكة سياسية واقتصاديا.

وربط المحللون بين العرض الصيني، وزيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا مؤخرا، خاصة وأن الحديث عن عزم شركتي النفط المملوكتين للحكومة الصينية "بتروتشاينا" و"سينوبك" شراء حصة من أسهم أرامكو جاء بعد الزيارة مباشرة.

اقرأ ايضا: صحيفة روسية تكشف "السبب الحقيقي" لزيارة سلمان لموسكو‎

وقالت مصادر مطلعة لـ"رويترز" إن شركة "أرامكو" السعودية طلبت من "إف.تي.آي" للاستشارات، تعليق عملها الاستشاري بشأن علاقات المستثمرين في الطرح العام الأولي المزمع لشركة النفط العملاقة.

وكانت "أرامكو" استعانت بشركة "برونسويك" لتقديم الاستشارات بشأن العلاقات الإعلامية، واختارت "إف.تي.آي" للاستشارات لإدارة علاقات المستثمرين.

ولم يتضح على الفور سبب طلب "أرامكو" من شركة الاستشارات تعليق عملها، لكن أحد المصادر ذكر أن هذا القرار قد يوسع نطاق عمل "برونسويك"، بحيث لا يقتصر على العلاقات الإعلامية.

وتقدم "إف.تي.آي" تقاريرها إلى مدير علاقات المستثمرين في "أرامكو"، فيرجس ماكلاود، وهو مدير سابق للتخطيط الاستراتيجي لدى "بي.بي".

وكانت صحيفتا الفاينانشال تايمز وول ستريت جورنال قد ذكرتا أن هناك احتمالا بتأجيل طرح أسهم الشركة في أسواق مالية عالمية لمرحلة لاحقة.

ومن ناحيته أكد متحدث باسم "أرامكو"، بحسب فرانس برس، أن يجري دراسة العديد من الخيارات بخصوص بيع أسهم الشركة مؤكدا أن جميع الخيارات مفتوحة.

ورفض وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، الرد على استفسارات الصحفيين، خلال مشاركته في مؤتمر النفط والمال، بشأن ما يتم تداوله إعلاميا حول عرض شركات صينية شراء 5% من شركة "أرامكو" بشكل مباشر.

وأكد الفالح أن السعودية لا زالت تستهدف إجراء الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" السعودية بشقيه المحلي والدولي في عام 2018، موضحا أنه سيتم الإعلان عن مكان الطرح في الوقت المناسب.

اقرأ أيضا: "أرامكو" السعودية تنفي تأجيل أو إلغاء الطرح العام

وأوضح الباحث الاقتصادي، أحمد مصبح، أن المعطيات المتداولة بشأن بيع أسهم أرامكو، تشير إلى وجود عدة سيناريوهات ليست سهلة أمام صانع القرار السعودي.

وأضاف مصبح لـ"عربي21"، أن السيناريو الأمريكي الممثل في طرح الأسهم ببورصة نيويورك، لا يزال هو الخيار الأرجح حتى الآن بالنسبة للمملكة، لكنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة أبرزها قانون "جاستا"، وقد يكون هذا القانون أحد أبرز المعوقات أو المخاوف أمام صانع القرار السعودي.

وتابع: "أما السيناريو البريطاني فهو الأضعف خاصة في ظل عدم جاهزية بورصة لندن "قانونيا" لاستقبال مثل هذا الطرح، هذا فضلا عن أن البرلمان البريطاني لم يحسم بعد موقفه القانوني من طرح 5% من أسهم شركة حكومية ببورصة لندن".

وأشار إلى أن "ما يمكن تسميته بالسيناريو الصيني- الروسي الذي تصاعد الحديث عنه بعد زيارة الملك سلمان لموسكو، ربما يكون وسيلة من وسائل الضغط على السيناريو الأمريكي واستغلال أفضل لفرصة التنافس الدولي، أو طوق نجاة للموقف السعودي، وإنقاذه من التبعات السلبية سياسيا واقتصاديا في حال رفض عملية الطرح في بورصة نيويورك".

وأكد مصبح أن الخيارات الصعبة المطروحة أمام صانع القرار السعودي هي أحد أسباب ضبابية مشهد عملية الطرح، متسائلا: "هل عملية بيع حصة من أرامكو ستحل مشاكل الاقتصاد السعودي أم ستزيد من الأعباء والضغوط الاقتصادية على المملكة؟".

اقرأ أيضا: ركود حاد يضرب اقتصاد السعودية مع إجراءات التقشف

وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العالمية للتجديد بتركيا، أحمد ذكر الله، إن "كل الخيارات الاقتصادية المطروحة على دول الخليج ولاسيما السعودية أصبحت خيارات صعبة، فكلهم يعانون من أزمة اقتصادية واحدة وهي الاقتصاد الريعي المعتمد على البترول".

وأوضح ذكر الله في تصريحات لـ"عربي21"، أن السعودية ورفيقاتها أضاعوا فرص التنمية القائمة على أسس حقيقية طوال سنوات مضت وكان من الطبيعي أن يأتي عصر المعاناة بعد انخفاض أسعار النفط، مؤكدا أن المشكلة الحقيقية هي كيفية تعاطي صانع القرار السعودي مع الأزمة.

وأضاف: "فمن ناحية لا يزال يعيش صانع القرار السعودي حالة السفه والبذخ في كل مظاهر حكمه، وهو إنكار كامل لوجود المشكلة وتجاهل تام لتداعياتها على الشعب، ومن ناحية أخرى التعاطي بنفس أدوات صندوق النقد الدولي في التفكير في سد عجوزات الموازين المختلفة من جيوب المواطنين وليس من خلق أبواب للتنمية المستدامة، وكذلك خصخصة بعض المشروعات الحكومية مثل أرامكو والتي تتخطى مفهومها الاقتصادي إلى أهميتها على مستوى الأمن القومي والاستراتيجي".

اقرأ أيضا: تفاصيل مثيرة عن رؤية 2030 ينقلها "مجتهد" عن مستشار أمريكي

وتابع: "لا شك أن قرار خصخصة حصة من أرامكو أحدث هزة عنيفة ليس فقط في الشارع السعودي والعالمي ولكن أيضا داخل الأسرة الحاكمة والمتناحرة بعض وصول بن سلمان إلى ولاية العهد ومحاولات إحكام السيطرة على مفاصل الدولة، وقد يفسر ذلك التردد في طرح الحصة بعد الإعلان عنه بل وبعد إرساء الطرح إلى شركات بعينها فإذا بالجميع يتفاجأ بقرار الإيقاف".

وأردف: "كما أن المشتري للحصة يخضع من وجهة النظر السعودية لشروط على رأسها الهدوء السياسي بين البلدين، فلا يخفى أن السعودية تواجه قلاقل دولية على إثر حرب التحالف وتجاوزاته الحقوقية في اليمن، واعتقال العلماء بالداخل، وقانون جاستا الأمريكي، وكلها عوامل دفع النظام السعودي للتردد حول مكان لطرحها".

وأكد ذكر الله أن أزمة الاقتصاد السعودي بصفة عامة أعمق من البترول وطرح أرامكو، وهي بالتأكيد أزمة رؤية وإدارة مستقلة، ومن الواضح غيابهما حتى الآن.
التعليقات (1)
ظافر
الخميس، 19-10-2017 05:43 م
ارامكو هي ماك الشعب السعودي وعلى السعودين الوقوف ضد تفريط ارامكو وما الحكام الا التقشف في ثروات البلا د وعدم التبذير وشراء اليخوت والقمار والفساد وهدر الاموال