مقالات مختارة

أسباب استهداف حزب الإصلاح اليمني في عدن

محمد مصطفى العمراني
1300x600
1300x600
منذ عودة قيادات «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى مدينة عدن مؤخرا، شنت قوات الحزام الأمني حملات أمنية استهدفت حزب الإصلاح بعدن، تنوعت بين اعتقال قياداته ومداهمة منازلهم، وكذلك مداهمة مقرات للحزب وحرق بعضها، وهو توجه جديد أكده مدير أمن عدن شلال شائع في تسجيل مصور توعد فيه باستهداف حزب الإصلاح وكافة مقراته، في مسعى لاجتثاث الحزب المشارك في الحكومة الشرعية بعدة وزراء، والداعم الأبرز للشرعية والمساند لعمليات التحالف العربي في اليمن، حيث يمثل أعضاء حزب الإصلاح العمود الفقري للمقاومة الشعبية التي تساند الجيش الوطني والتحالف في قتال مسلحي الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق صالح في جبهات عديدة، وما تزال مشتعلة من الجوف شرقا إلى لحج جنوبا. 

مؤكد أن هذه الاعتداءات التي طالت قيادات ومقرات الإصلاح بمدينة عدن هي ممارسات مرفوضة ومدانة من كثير من القوى السياسية اليمنية التي أصدرت بيانا أدانت هذه الممارسات، واعتبرتها اعتداء على النشاط السياسي السلمي، ومؤشرا على استهداف الحكومة الشرعية وجر الجنوب اليمني إلى مربعات العنف والفوضى خدمة لأجندة ومشاريع إقليمية على حساب أمن واستقرار اليمن. 

المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى حسب تصريحات قياداته لـ «استعادة دولة الجنوب»، وهو ما يعني فصل جنوب اليمن عن شماله، سبق أن أعلن عن حل حزب الإصلاح في الجنوب واتهمه مرارا بدعم الإرهاب وهدد باجتثاثه، والسؤال الكبير الذي يطرح الآن من قبل المتابعين للأحداث في مدينة عدن من داخل اليمن وخارجه هو: هل يمثل حزب الإصلاح فعلا تهديدا للأمن في الجنوب؟

وهل يستطيع الإصلاح فعلا عرقلة التوجهات الجديدة للمجلس الانتقالي وقياداته في الجنوب وإفشال مشروع الانفصال والاستفتاء القادم عليه؟

تناقضات غريبة تحدث 

وقبل أن أجيب عن هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أن الواقع اليمني وخصوصا في العاصمة المؤقتة عدن صار مزدحما بالمتناقضات؛ فقوات الحزام الأمني التي اعتدت على مقرات حزب الإصلاح واعتقلت قياداته هي تشكيلات عسكرية خارج إطار الشرعية وتمولها دولة الإمارات ورفض القائمون عليها مرارا التوجيهات الرئاسية بدمجها في قوات الجيش الوطني، وليت الأمر وصل إلى هذا الحد فحسب، بل إن هذه القوات سبق وإن سيطرت بقوة السلاح على الكثير من مؤسسات الدولة بعدن مثل مطار عدن واعتدت على قوات الحماية الرئاسية الموالية للشرعية، كما تورطت بحسب تقارير لمنظمات حقوقية دولية ومحلية بانتهاكات عديدة لحقوق الإنسان من اختطافات وقمع ومصادرة ونهب وغيرها من الممارسات الغير قانونية.

إضافة لما سبق فقد نشرت صحيفة «القدس العربي اللندنية» قبل أيام من وجود تسجيلات موثقة لقيادات في قوات الحزام الأمني تثبت تورطهم في عمليات اغتيالات لمسؤولين وقيادات أمنية وشخصيات سياسية وعلماء ودعاة بعدن ورغم أن هذه القوات تمارس كل هذه الممارسات الإرهابية تتهم في الوقت نفسه حزب الإصلاح الذي يمارس النشاط السياسي السلمي بالإرهاب، وتقوم باعتقال قياداته وحرق مقراته وتلفق التهم له وتحاول أن تقنع الناس أن نشاطها مجرد إجراءات أمنية لحماية المجتمع، وأن ممارسة النشاط الحزبي السلمي وفي إطار الدستور والقانون وتحت سمع وبصر الحكومة الشرعية والمجتمع هو الإرهاب.!! 

كما أن هذا الاستهداف يحدث للأسف في مدينة عدن وهي المدينة التي اختارتها الشرعية كعاصمة مؤقتة لليمن وفي ظل وجود الحكومة الشرعية فيها.!

الجريمة التي ارتكبها حزب الإصلاح!

كنت بالأمس أتابع برنامجا في إحدى القنوات الفضائية اليمنية حول أحداث عدن وقد استضافت القناة زميلا صحفيا من عدن وعند سؤاله عن أسباب قيام قوات الحزام الأمني باعتقال قيادات الإصلاح وحرق مقره برر ما حدث بأنها «إجراءات أمنية»؛ كون الإصلاح يرفض فك الارتباط ويراه انفصالا ويختلف مع الحراك الجنوبي ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وكون أعضاء الحزب يهاجمون الإمارات وينتقدون دورها في الجنوب ويسخرون من مدير أمن عدن، شلال شائع في وسائل الإعلام وفي صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وإذا افترضنا جدلا بأن ما ذكره هذا الصحفي صحيح فإن الاختلاف في الرؤى والنقد في وسائل الإعلام وكتابة المنشورات في الفيسبوك والتغريدات في تويتر ليست جريمة، ولا يبرر هذا بأي حال من الأحوال ما قامت به قوات الحزام الأمني من اعتقالات طالت قيادات حزب الإصلاح، وحرق لمقره بكريتر وشيطنته وتلفيق التهم له؛ فالرأي الآخر والنقاش السياسي والطرح الإعلامي والاختلاف في الرؤى هو حق لكل مواطن بموجب الدستور والقانون.  

الإصلاح هل يهدد الأمن بعدن؟!


من وجهة نظري فإن حزب الإصلاح والذي يمارس النشاط السياسي السلمي لا يهدد الأمن والاستقرار بعدن؛ إذ إن الحزب هو الضحية الأولى للعنف الذي طال قيادات من الحزب تم اغتيالها من قبل مسلحين مجهولين خلال الفترة الماضية، كما تعرضت قيادات وأعضاء في الحزب بعدن للاعتقال والمضايقات وتعرضت مقراته للحرق والنهب والتدمير، والحزب هو تنظيم سياسي سلمي لا يمتلك مليشيا مسلحة تستطيع مواجهة قوات الحزام الأمني وفرض واقع جديد، ولا يقود الإصلاح كتائب مسلحة، وما قامت به قوات الحزام من إيجاد أسلحة ووضعها ببعض مقراته ثم تصويرها فهذه بإجماع الكل طريقة قديمة وغبية في محاولة تلفيق التهم للإصلاح، هذا أولا، وثانيا الإصلاح كحزب سياسي لا يستطيع عرقلة الانفصال إذا قرر الشعب بالجنوب اختيار الانفصال، بل إن الحزب لا يعارض أنشطة الحراك الجنوبي ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتوجهاته لفرض استفتاء على الانفصال، وسبق له أن أصدر بيانا رسميا يبارك إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، إذن والحال هكذا فلماذا كل هذا الاستهداف للحزب من قبل قوات الحزام الأمني ؟!

والجواب: أن هذا الاستهداف للحزب والذي تقوم به قوات الحزام الأمني الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي تتلقى تمويلها من الإمارات هو لإرضاء أطراف إقليمية لديها خصومة وعقدة من الإخوان، وترى في الحزب فرعا لتنظيم الإخوان في اليمن، ولابد من محاربته واجتثاثه، وثانيا هذا الاستهداف هو لإيقاف قيادات وأعضاء الحزب عن ممارسة أي نشاط حالي أو مستقبلي معارض لتوجهات المجلس الانتقالي وأجندته حتى لو كان هذا النشاط سياسيا وسلميا، وكذلك هي رسالة لبقية القوى السياسية بالجنوب بأن تلتزم الصمت حيال ما يحدث حتى لا تتعرض لما تعرض له الإصلاح.

كما أن قوات الحزام الأمني تخشى من تأثير النشاط الإعلامي لقيادات وأعضاء الإصلاح في كشف الجرائم التي تمارسها بحق المواطنين في عدن ونشرها للرأي العام والتحريض على ممارسات قوات الحزام الأمني وقياداتها وتأليب الناس ضدها.

كما أن هذا الاستهداف هو في الوقت نفسه مبرر لاستهداف الشرعية كمنظومة متكاملة حكومة ورئاسة وجيشا وأحزابا بمبرر وجود الإصلاح فيها، وهو ما أفصح عنه رئيس المجلس الانتقالي الجنوب بالأمس عيدروس الزبيدي في مقابلة مع قناة « الغد المشرق» الممولة من الإمارات حيث قال «نرفض شرعية يكون حزب الإصلاح جزءا فيها» فهذا الاستهداف للإصلاح هو مقدمة لاستهداف الشرعية ككل وما تعرض له رئيس الحكومة الشرعية د أحمد بن دغر من قطع للطريق عليه في لحج من قبل مسلحين موالين للإمارات، ومنعه من المرور ليس ببعيد عن هذا الاستهداف. 

وختاما فإن على الشرعية رئاسة وحكومة وعلى جميع العقلاء والحكماء من أبناء اليمن الإسراع لتدارك الأوضاع بعدن، ووضع حد لهذه الممارسات ووضع حد لمشاريع الفوضى والعنف والتشظي قبل فوات الأوان، وقبل أن تطرد الشرعية من عدن كما هدد نائب الرئيس السابق خالد بحاح مؤخرا، وقبل أن تدخل عدن والجنوب دوامة جديدة من الفوضى والصراع الله وحده يعلم متى ستنتهي وكيف ستكون نتائجها.

السبيل الأردنية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل