مقابلات

خنفر: إعلامنا العربي مختطف من السلطة ويمارس جرائم

حذر خنفر  من أن الأزمة الخليجية ستترك ندوبا حتى لو تمت التسوية - أرشيفية
حذر خنفر من أن الأزمة الخليجية ستترك ندوبا حتى لو تمت التسوية - أرشيفية
* آن الآوان أن نرسم مستقبلنا بايدينا

* الأزمة الخليجية عمقت الضعف العربي إقليميا وقد تطول ومآلها للانتهاء

أكد الإعلامي وضاح خنفر، مؤسس منتدى الشرق، أن الإعلام في العالم العربي "أُعيد اختطافه من الدولة مرة أخرى"، معتبرا أن هذا الإعلام "يمارس جرائم يعاقب عليها القانون، مثل فبركة الأخبار والتحريض على القتل وبث الكراهية والعنصرية في المجتمعات الاستبدادية العربية".

من جهة أخرى، قال خنفر، في حوار خاص مع "عربي21"، على هامش مؤتمر منتدى الشرق الشبابي في إسطنبول، إن الأزمة الخليجية "ستطول بعض الشيء ولكنها ستنتهي في لحظة ما إلى تسوية ما، ولكن بعد أن تكون عمقت الضعف العربي إقليميا وعالميا وتركت ندوبا إجتماعية وإنسانية بين الأشقاء في الخليج وبين شبابهم على منصات السوشيال ميديا".

وإلى نص الحوار:

* ما تقييمكم لأبعاد الأزمة الخليجية الأخيرة وانعكتاستها على شباب تلك الدول بشكل عام؟

- أعتقد أن الأزمة الخليجية الأخيرة أيضا تؤدي إلى حالة من الارتباك، وأعتقد أن الحروب الإعلامية التي طالت كثيرا من القيم.. قيم القربى وقيم صلات الرحم والعلاقات الإنسانية والاجتماعية، كان لها تأثير مدمر، وينبغي أن نتعلم كيف نعزل خصوماتنا السياسية عن واقعنا الاجتماعي وواقعنا الإنساني؛ لأن في ذلك ذخيرة لمجتمعاتنا وشعوبنا. نحن لسنا أمة الفرد فقط، ولكننا أمة الفرد والجماعة. وإن ما يحدث الآن هو قطع للأرحام وهو خطير جدا.. وأعتقد أن هذا دليل على المرض الأعمق، وهو خواء السياسات والاستراتيجية العربية من التفكير بشيء أسمى وأعلى من الخصومات التي تؤدي إلى حالة من الحصار المعيب، وحالة من الارتباك الذي لا يليق لا بالعصر الذي نحن فيه ولا بالأمة التي ننتمي إليها.

* وما انعكاس كل ذلك على الشباب في منطقة الخليج؟

- ذلك للأسف يؤدي لانشغال الشباب في كثير من الأحيان. وأعتقد أن ظاهرة منصات السوشيال ميديا (التواصل الاجتماعي) أدت إلى مشاكل كبيرة في بعض الأحيان، في أن الأولويات اختلطت. فأحيانا تكون هناك جوانب إيجابية للأزمة، وهي الانشغال السياسي، وهناك نوع من الجوانب السلبية والمتعلقة بالتركيز على قضايا الخصومات والإشاعات، وأحيانا الأكاذيب، التي تنشرها حسابات تكون محسوبة على بروباغاندا دول معينة، والله أعلم.

* ما توقعاتك لهذه الأزمة؟

- أعتقد أن الأزمة ستطول قليلا، لكن بعد ذلك ستصل في لحظة ما إلى تسوية ما، وهذا يعتمد على أدوار القوى العالمية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وفي النهاية الحصار فشل ولا قيمة لما حدث؛ إلا أنه أربك المشهد الحالي والإقليمي، وأضعف منطقة الخليج التي كانت سباقة في الحقيقة - على الأقل - كانت الكتلة الوحيدة الباقية في العالم العربي التي كانت تتمتع بشبه وحدة وتماسك.. الآن ضعفت بشكل كبير؛ مما أضعف مكانة العرب عموما في مقابل الدول الإقليمية الأخرى. وللأسف الشديد هذا لم يكن على الإطلاق له أية تاثير أو أية ضرورة استراتيجية، بل بالعكس هذا أوهننا وأضعفنا، وإن شاء الله ينتهي إذا ربنا قدر، ولكن يبدو أن الأمور ستطول إلى حد ما.

إعلام مختطف من الدولة

* كيف ترى ما جرى في مصر، كأكبر خزان بشري في العالم العربي، وما صاحب ذلك من حالة إحباط عميقة في المجتمع؟

- المشكلة التي حدثت في عالمنا العربي حتى الساعة؛ ما زالت تؤثر تأثيرا عميقا في إضفاء قدر عال من التشاؤم ومن التخبط ومن الفوضى، ولذلك لا يمكن لنا أن نتعامل مع المستقبل فقط بالتركيز على الواقع.. في الحقيقة؛ الواقع مرير، ونحتاج أن نبني تصورا عن المستقبل، حتى نعيد على الأقل الأمل إلى الشباب؛ لأن الأمل حاليا شبه مهتز ومرتبك، ونحتاج أن نتخيل مستقبلا حتى نقنع الناس بأن هناك ما يمكن أن يغير من واقعنا إلى الأحسن إن شاء الله.

* حملات التشويه والتلفيق ضد الخصوم السياسيين في الإعلام المصري الذي يقال إنه تحت قيادة جهاز المخابرات.. كيف تراه وبما تصفه؟

- الإعلام في العالم العربي الآن لا يعيش أزهى حالاته. فالإعلام العربي للأسف الشديد؛ اختطف مرة ثانية من الدولة، وأصبحت الدول تمارس الدعايا السياسية في أقصى حالاتها وتدخلت في صياغة ليس فقط الآراء بل حتى الأخبار. فعندنا أخبار مفبركة بكميات هائلة، وهذا سيفقد الناس في العالم العربي ثقتهم في مصداقية الإعلام. وأعتقد أن هذا أثر سلبي جدا، وليس إيجابيا على الإطلاق. وأتمنى أن يعود الصحفيون الأحرار مرة ثانية للتركيز على القيمة الصحفية ويقاتلوا من أجل الحفاظ على المهنية الإعلامية. وأتمنى أن تفهم الدول أنه كلما ضللت شعوبها كلما انعكس ذلك سلبا عليها، وانتشار نظرية المؤامرة والإشاعة التي لا تؤدي إلى خير. بل حاولت أنظمة عربية سابقة أن تفعل ذلك من قبل، فكانت نتيحتها الربيع العربي والثورات العربية.. وبالتالي فاحتكار الإعلام ومصادرة حق الإعلاميين المهنيين؛ حقيقة يأتي بأثر سلبي وليس إيجابيا على المدى البعيد.

جرائم جنائية وليس إعلاما

* كيف ترى حالات التحريض على القتل وبث الكراهية التي يمارسها إعلاميون مصريون منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو؟

- أعتقد أن هناك جرائم ترتكب أحيانا. فالحث والتحريض على القتل؛ جريمة، سواء قام بها من يسمي نفسه صحفيا أو قام بها أي شخص آخر، وأعتقد أنها لا تنتمي إلى عالم الصحافة ولا عالم الرأي، وإنما تنتمي إلى عالم الجريمة التي توجد قوانين تعاقب عليها.

* ما الجديد الذي يقدمه المؤتمر السنوي لمنتدى الشرق هذا العام؟

- الجديد هذا العام أنه يركز، وبشكل رئيسي على المستقبل، من حيث التيارات التي ستشكل هذا المستقبل، سواء استراتيجية أو علمية أو تقنية، وانعكاسها على واقعنا كشعوب في هذه المنطقة وفي العالم، وعلى كيفية بناء هذا المسقبل حتى عندما ننتقل إليه ننتقل إلى شيء نعرفه. فالمستقبل في العالم العربي تحديدا؛ كان دائما يصمم من الخارج، وكان المستقبل هو مشروع تقوم القوى الكبرى بتصميمه، وتحثنا على الانتقال إليه أو تجبرنا على الانتقال إليه، فلما ننتقل إليه نجده خاويا ونبدأ حلقة من حلقات الصراع.. اليوم نحتاج أن نفكر في المستقبل كي لا يفاجئنا بتصميم غير ذلك الذي نستفيد منه في واقعنا إن شاء الله.

الغرب يرسم لنا مستقبلنا طوال 100 عام

* ألا زال الغرب حتى الآن هو من يُصيغ لنا مستقبلنا في المنطقة العربية؟

- الغرب ما زال حتى الآن أحد المراكز الكبرى في صناعة مستقبل العالم كله، وللأسف الشديد العالم يريد أن يشكل مستقبله بنفسه، خاصة في عصر الشبكات التي بدأت تتحول تدريجيا إلى نمط تفكير في مختلف أنحاء العالم.. فالأمم الآن لديها فرصة أكبر من ذي قبل في أن تتحكم في مستقبلها؛ إذا انتبهت إلى ذلك، ولكن إن بقيت غافلة منشغلة بالصراعات الداخلية، فيمكن أن تفقد التفكير في المستقبل ويأتي من يرسم المستقبل لها.

* ما هي نصيحتكم للشباب وأنتم في هذا المحفل الدولي؟

- لا شك أن الشباب هم صناع المستقبل وهم طليعة النهضة في أي أمة من الأمم، وهم أمل أمتنا العربية والإسلامية في النهوض وفق متطلبات العصر، وذلك بأن يخطّوا أجنداتهم الخاصة بعقولهم بعيدا عن الماضي الذي يمسك بتلابيب الأمة حاليا ومنذ قرن مضى؛ لتظل في أتون التخلف والقمع والاستبداد دون تقدم يذكر، على الرغم من أن مدن المسلمين ظلت منارات للحضارة والعلوم والحرية والتقدم والازدهار قرونا طويلة، من دمشق إلى بغداد والقاهرة وصنعاء والرباط والشام والحجاز وسمرقند وإسطنبول وغيرها.

* البعض يرى أن المنتدى يحلق في آفاق المستقبل هربا من الواقع، ويطرح ما يراه البعض شبه مستحيل من الرؤى والافكار؟

- على العكس تماما من ذلك.. فنحن ندرك أن الواقع مرير للغاية، ولذلك نتطلع إلى مستقبل ينقذنا من هذا الواقع المؤلم؛ وذلك بالإسراع نحو صناعة المستقبل وليس الهروب إليه. وأعتقد أن هذا المنتدى بمثابة بداية تفاعل حقيقي مع الأجيال الجديدة ومع الشباب؛ لتجاوز القديم الذي لم يعد منسجما مع مسار التطور الإنساني الطبيعي، والذي أدى بالأمة إلى هذا الواقع المرير، حيث أن ما سيحدث في البشرية خلال الـعشرين سنة القادمة يختلف تماما عما حدث خلال المئة عام الأخيرة، ولا بد أن نكون مستعدين للمستقبل.

التعليقات (0)