أعربت مصادر محلية من مدينة
حلب السورية؛ عن بالغ قلقها إزاء أنباء مؤكدة عن عزم النظام السوري نقل
المقابر المؤقتة من حدائق حلب إلى مقابر جديدة على الأطراف الشمالية للمدينة، بالقرب من المدينة الصناعية بالشيخ نجار.
وتحولت غالبية حدائق حلب، وخصوصا في الأحياء الشرقية، إلى مقابر خلال العامين الماضيين، نتيجة لكثرة أعداد قتلى القصف والاشتباكات، في الوقت الذي امتلأت فيه المقابر الرسمية عن آخرها.
وتبدي المصادر خوفها الشديد من أن يكون وراء قرار النظام دوافع انتقامية من المعارضة، وتعرب عن خشيتها من ضياع الجثامين واستحالة التعرف على مكان دفنهم الجديد، وخصوصا أن عمليات نقل رفات الموتى ستتم بدون حضور أهاليهم وذويهم.
وأوضح المسؤول في "مجلس ثوار صلاح الدين"، أبو محيو الكردي، إن النظام سيسمح لذوي الموتى بنقل رفات أبنائهم بعد استخراج شهادة وفاة من دائرة الأحوال المدنية، لكن "نتيجة لانسحاب المعارضة عن حلب نهاية العام 2016 الماضي، ترك كثير من الأهالي المدينة إلى غير رجعة، وغالبيتهم من أهالي الموتى، وهنا تكمن صعوبة المسألة"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وبيّن أن الكثير من القبور تعود لقتلى مجهولي الهوية، وكذلك لأشخاص من المعارضة من مقاتلي الجيش الحر، الأمر الذي سيؤدي إلى ضياع جثامينهم للأبد.
ويرى الكردي أن على المجتمع الدولي أن يردع النظام عن القيام بمثل هذه الأعمال دون التوصل إلى حل؛ يسمح لذوي الموتى بالإشراف الكامل على أعمال نقل رفاة ذويهم، بعد توثيقها بشكل قانوني.
من جانبه، اعتبر المحامي عبد الناصر اليوسف، أن نقل القبور بدون توثيقها قانونيا "أمر مخالف" للقوانين والأنظمة المعمول بها، مهما كانت ذريعة كانت.
وقال اليوسف لـ"
عربي21": "هذا الإجراء قد يترتب عليه ضياع كثير من الجثامين، وقد يبقى مصير بعضهم في سجل المختفين".
وأكد أنه لا بد من تشكيل لجنة مهمتها البحث والتحري عن كل جثمان موجود، لتوثيقه أصولا، مضيفا: "يبدو أن تحقيق هذا الأمر مستحيل بدون وجود الأشخاص الذين قاموا على الدفن"، وفق قوله.
وتضم أحياء حلب الشرقية لوحدها خمس مقابر رسمية، وهي متوزعة على أحياء الكلاسة والمعادي والصالحين وباب النيرب وقاضي عسكر. وبعد أن امتلأت جميعها، حولت المعارضة الحدائق إلى مقابر عامة، وبالمقابل شهدت حدائق أحياء حلب الغربية التي لم تدخلها المعارضة الشيء ذاته. وتغيب التقديرات التي تقدر أعداد الموتى داخل حدائق حلب.
وتحت ستار تأهيل أحياء حلب، يقوم النظام بمثل هذه الأعمال وغيرها، مثل مصادرة المنازل التي تعود ملكيتها لمعارضيه في حلب، دون يواجه اعتراضا من الأوساط المحلية.
وفي أواخر العام 2016، انسحبت المعارضة عن كامل أحياء مدينة حلب، بموجب اتفاق إخلاء المعارضة رعته حينها تركيا وروسيا، على إثر الهجوم الواسع الذي شنه النظام على الأحياء الشرقية، مدعوما بغطاء جوي روسي.