كتاب عربي 21

كم عمرو خالد صنعتم؟

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
لا تدعوا كراهيته الآن لأنه ممثل، أفاق، نصاب، فقد كان ذلك واضحا منذ البداية، إنما آلمكم أنه لم يعد منكم، انحاز للسيسي، ضدكم، وهذا كل ما في الأمر ..

عمرو خالد هو عمرو خالد، لم يتغير، داعية "خفيف"، أفكاره محافظة، سخيفة، ساذجة، مكررة، لا جديد، سوى الابتسامة البلاستيك، وترقيق الصوت، والنحنحة والنهنهة، الجديد هو أنه لم يعد ابن الحركة، أو الجماعة، أو القبيلة، صار ابن الدولة، عرف السكة، فكرهتموه!

عمرو إخوان، هذا سر يعرفه الجميع، تربى في الجماعة، شرب ماءها، واستظل بظلها، وصعد على أكتاف أنفارها، في الفيديو الشهير على يوتيوب، عمرو خالد الطفل ممسكا بالميكروفون ليقدم الداعية وجدي غنيم، عمرو من طبقة اجتماعية مختلفة، أثرت في خطابه نسبيا، ومن ثم أثرت في شريحة متابعيه، داعية ابن ناس كريمة، يلقي دروسه في الجوامع للمتابع العادة، وفي الأندية للمتابع المخصوص، وفي بيوت الأثرياء للمتابع – والمتابعة - السوبر، زيارات منزلية، دروس خصوصية في الدين مقابل أجر، حلال حلال، وكله بثوابه ..

الجميع يعلم، ليست أسرارا، التبريرات كانت دائما جاهزة، خطاب جديد، لون جديد، محبوب، خلينا نجرب ..
الدولة سلطت عليه كلابها، بعض النباح في روزا، والقاهرة أيام صلاح عيسى، ومذيع، مخبر على قديمه، مثل مفيد فوزي، ازدادت شهرة الداعية، توهج، اعتبره الإسلاميون فارسهم الجديد، العلمانيون يكرهونه، إذن فهو بطل!!

الدولة اختارته، أعجبها، سيديهاته هدايا مع مجلة الشباب التي تصدرها الأهرام، وماله، ناجح ومحبوب، ربنا يزيده، دخل التلفزيون المصري واشتغل، إي والله العظيم، درس ديني، في ماسبيرو! ربع ساعة كل أسبوع، ما الذي يحدث، إخوان ويدخل التلفزيون؟ بوابات التلفزيون لا تفتح إلا ببطاقات ممغنطة يتم شحنها في مبنى أمن الدولة بلاظوغلي، هل ذهب عمرو وشرب شايا بالياسمين؟ لا طبعا، عمرو عظيم، لا يفعل ذلك، التلفزيون مضطر، لأنه ناجح، ومؤثر، ومشاهداته، وحركاته، أي كلام، لكنه وجد من يصدقه، هم لا يصدقون لأن الكلام معقول، ولكن لأنهم يريدون أن يصدقوا، لا بأس، عمرو حلو، وماسبيرو حلو، و "أبوها راضي وأنا راضي" ..

شعبيته زادت، منعوه، ازداد بالمنع شعبية، الإخوان يحملونه على أكتافهم، ويدورون به على القبائل، عمرو راح، عمرو جاء، برامج على الفضائيات، علاقات بممثلين وممثلات، شاطر، ينتشر، ويتوغل، ويقتل، أحمد الفيشاوي يقدم برنامجا دينيا، ليست نكتة، هذا ما حدث، عمرو خالد السبب، وهل أحمد الفيشاوي لديه ما يؤهله؟ إجابة الفيشاوي: أي أحد مؤهل، النبي قال بلغوا عني ولو آية، الإسلاميون – أصحاب نظرية الدين للمتخصصين – صدقوا هذه الإجابات، بلعوها، روجوها، برنامج ديني لممثل شاب لم تكتمل أدواته كفنان، ليصبح داعية بالصدفة، تخيلوا؟ الإسلاميون الذين يزايدون على طوب الأرض إذا نطق بغير ما يشتهون، وافقوا، وباركوا، وساندوا، وأيدوا، من أجل عيون عمرو، تحيا عمرو!
الإشاعات بدورها تصنع الأسطورة، زوجة علاء مبارك تحجبت بسبب عمرو، يا رجل؟ إي والله، علاء نفسه تحجب!! "حي"!!

لم يتوقف الأمر عند الشباب وقياداتهم الفارغة، الشيخ القرضاوي بنفسه شهد لعمرو، إي والله، سألوه عنه فقال: شاب صالح يتحدث في الرقائق والأخلاقيات، ولا يدعو للعنف، حلو يعني، سيبوه، سليم العوا شجعه، المسيري كتب عنه دراسة .. أركبوه الناقة وشرخ!!

جاءت أزمة الرسوم المسيئة للنبي، علماء الوسطية اختاروا المقاطعة، وعمرو اختار الحوار، ذهب للدانمارك، وتحاور، سخط عليه المشايخ، القرضاوي فرمه، العوا قال عنه في ندوة بمركز مصر للثقافة والحوار – أمامي -  أنه كذاب، فهمي هويدي كتب مقالا يطلب منه العودة لبيته، ارجع يا حبيبي واسمع الكلام، رفض وقال: ذاهبون للدانمارك رغم معارضة القرضاوي، ذهب ولم يعد ..

ظل الشباب على ولائهم لعمرو، لم يتأثروا كثيرا بمواقف المشايخ الكبار، بدا أن أسهم عمرو الشعبوي ترتفع عن أسهم شيوخه وأولياء نعمته، اختارته فورين بوليسي من أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم بجوار القرضاوي، كتيباته الأعلى مبيعا في معرض القاهرة للكتاب، مشاهداته، وعدد متابعيه بالملايين، لا يحتاج لأحد، انطلق ..

وقتها، كانت أي مناقشة من أي نوع عن عمرو يحاول فيها أي شخص أن ينتقص من قيمة الداعية الشاب ويضعه في حجمه الطبيعي تقابل من جهة الإسلاميين بهجوم كبير على "هذا المارق الذي سولت له نفسه أن ينتقد الداعية النجم حفظه الله"!

عمرو، لم يكن يقدم شيئا في الحقيقة، لكنه كان ناجحا، ومؤثرا، ولذلك خلقوه!، قامت الثورة، ذهب للميدان، رأيناه، لكن لم نسمعه، لم يطالب بسقوط النظام، لا على المنصة، ولا على الشاشات، فقط قال بأن ظلما كبيرا يتعرض له الناس في مصر، والظلم حرام طبعا، اكتشاف!!!

انفض المولد، وذهب مبارك، وجاء عمرو ليؤسس حزبا سياسيا يضم فلول مبارك، إعادة تدوير القمامة، الجميع فهم، لكن الإسلاميون لا يفقدون الأمل في رجالهم بسهولة، الولد طايش، سيعقل، كسبوا الانتخابات، حكموا، دعوه إلى اجتماعات الرئيس مرسي، بعد كل ما فعل، ابنهم، والابن مهما فعل يظل قرة عين أبيه!

انقلب السيسي على مرسي، أيد عمرو الانقلاب، والمذابح، سجل فيديو لجنود القوات المسلحة يشرعن لطاعة القائد ويعتبرها من طاعة الله، وافق على دستور العساكر، واستقبلت ورقته شاشات التلفزيون، بـ "نعم" تخرم عين الأعمى، الآن فقط فهم الإسلاميون، وهنا فقط بدأوا في مناوشته ..
بص يا صديقي، عمرو ليس المشكلة، أو بالأحرى، ليس المشكلة الأساسية، المشكلة أنك عبيط، حضرتك عبيط، والله العظيم أنت عبيط، وقياداتك التاريخية أعبط منك، ومشايخك دراويش، ولا يصلحون إلا لفتاوى الحيض والنفاس!!!

مرة، سألت أحد أصدقائي الإخوان: لماذا تشاركون في تنجيم عمرو خالد ولا تفعلونها مع عصام تليمة مثلا؟، على الأقل عصام أزهري، فقيه، باحث، تلميذ القرضاوي، دودة قراءة، أختلف معه أكثر مما أتفق، لكنه أنفع لكم، وأخلص، فكانت الإجابة الواضحة التي لا تحمل لبسا ولا تأويلا: "مش بيسمع الكلام" ..
الفكرة ببساطة: لا دين ولا يحزنون، لا دعوة ولا يحزنون، لا فكرة ولا يحزنون، المطلوب: أن تسمع الكلام، كن مطيعا ترى الوجود مطيعا، عجائز الدعوة الربانية لا يريدون جهازا دعويا، ولا حزبا سياسيا، ولا رؤية، ولا هدفا، ولا شيء على الإطلاق، إنما يريدون السمع والطاعة، والتأييد على طول الخط، عمرو كان ملاكا حين كان تابعا، وصار شيطانا حين استبدل سيده بآخر، وهكذا كل من تراهم حولك من نجوم مصنوعة، هذه هي المعادلة يا صديقي، فلا تشارك، افهم أو مت!
4
التعليقات (4)
ادريس
السبت، 09-09-2017 02:14 ص
هل اشتك لك تلمة انت فرد اسس كيان ومنحنا المثال لنقتدي به
محمود
الجمعة، 08-09-2017 09:59 م
عمرو خالد لم يكن يوما عضوا في جماعة الإخوان
حكيم
الجمعة، 08-09-2017 11:17 ص
أتمنى أن لا تكون بدورك عينة من النجوم التي يريدون صنعها
علي
الجمعة، 08-09-2017 05:00 ص
لا تفوتك فرصة لنقد الاخوان و الصاق كل نقيصة بهم. لو لم يتحمل الاخوان التنكيل و الظلم ما كان لمثلك ان تنعم بالحريه خارج مصر لتهجوهم . لست إخوانيا و اختلف معهم باستمرار لكن ليس من المروءة نقد من لا يقدر علي الرد.