ملفات وتقارير

هل استفاد المصريون من المعونة الأمريكية؟

مصر امريكا علم
مصر امريكا علم
في ظل تباكي الإعلام الموالي للانقلاب العسكري بمصر على تقليل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعونة المقررة سنويا للقاهرة؛ يطرح بعض المراقبين تساؤلا حول مدى استفادة الشعب المصري من هذه المعونة؟ وكيف كانت تلك المبالغ سيفا مسلطا على رقاب المصريين ووسيلة لابتزاز الدولة المصرية؟
 
وقررت واشنطن حرمان مصر من مبلغ 100 مليون دولار ضمن برنامج المساعدات المقررة، والامتناع عن صرف مبلغ 195 مليون دولار إضافية بانتظار "تحسّن سجل القاهرة بحقوق الإنسان والديمقراطية".
 
وهاجم الإعلام الموالي للانقلاب إدارة ترامب، لتخفيض المعونة مقللا من قيمتها وأهميتها، وادعى الإعلامي الموالي للانقلاب أحمد موسى، أن قيمة المعونة الأمريكية يضرب بها أطفال مصر "بومب" في الأعياد.
 
 
قصة المعونة

والمعونة الأمريكية لمصر بلغت خلال العقود الثلاثة الماضية قرابة 80 مليار دولار، حسب تصريح لمسؤول في الإدارة الأمريكية قبل أيام.
 
وهي مبلغ ثابت سنويا تتلقاه القاهرة منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد" عام 1978، حيث أعلن حينها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل.
 
وفي عام 1982، تحولت المعونة الأمريكية إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
 
ويرى محللون أن واشنطن تستفيد كثيرا من المعونة العسكرية لمصر، وساعدتها تلك المبالغ في تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط، وتلزم القاهرة بشراء المعدات العسكرية من واشنطن بمبالغ تفوق تلك المعونة بكثير، هذا إلى جانب السماح للطائرات العسكرية الأمريكية بالتحليق في الأجواء العسكرية المصرية، ومنح البوارج الحربية الأمريكية تصريحات عاجلة لعبور قناة السويس.
 
واستخدمت الإدارات الأمريكية المتتابعة المعونة الأمريكية، كورقة ضغط على الأنظمة والحكومات المصرية والتهديد بقطعها لتنفيذ مصالح أمريكا السياسية.
 
رسالة للمتباكين

ووجه مساعد وزير الخارجية الأسبق الدكتور عبدالله الأشعل، رسالة للإعلاميين للمتباكين على تخفيض المعونة، وسألهم عن مدى استفادة المواطن منها.

وقال السفير الأشعل، عبر صفحته بفيسبوك: "الذين يتحدثون عن أن حجب المعونة هدفه المساس بالاستقلال (الوطني)؛ فما هي مؤشرات الاستقلال عن أمريكا والخليج؟ وماهو المقابل الذي يدفعه الوطن مقابل المعونة؟" مضيفا: "المعونة هي الستار الذي ينتزع به الاستقلال وليست عملا خيريا".
 
الأهداف الخبيثة

من جانبه يرى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، أن المصريين لم يستفيدوا يوما من المعونة الأمريكية، واصفا إياها بـ"ذات الأهداف الخبيثة"، ومؤكدا أنها لم تخدم إلا مصلحة أمريكا وإسرائيل ورجال الأعمال.
 
وقال الشهابي لـ"عربي21"، "المستفيدون هم مجموعة رجال أعمال ارتبطت بأمريكا بعد توقيع معاهدة السلام، وكذلك جيش الموظفين الذين وصل عددهم لمائة ألف يعملون بهيئة المعونة الأمريكية، في حين يوجد 3 موظفين فقط بإسرائيل".
 
وأضاف أنها تنقسم جزأين: الأول مساعدات عسكرية وهدفها ربط تسليح الجيش المصري بالسلاح الأمريكي لضمان تفوق الجيش الإسرائيلي بعد هزيمته في تشرين الأول/أكتوبر 1973"، مضيفا أن "الجزء الثاني: مساعدات مالية مدنية".

وأوضح الشهابي أن "الجزء الأول من برنامج المساعدات الأمريكية كان لمصلحة أمريكا وإسرائيل بشراء مصر قطع السلاح المرتفعة الثمن عن مثيلاتها في سوق السلاح العالمي، وهو ما جعل واشنطن تحقق أرباحا من بيع تلك الأسلحة لمصر".
 
وتابع "أما الجزء الثاني الخاص بالمعونة المالية؛ فلم يحقق أي فائدة للمصريين، بل كانت واشنطن تستخدمه لابتزاز القاهرة على مدى سنواتها الطويلة".
 
20 بالمائة فائدة
 
وأكد أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة اسطنبول صباح الدين زعيم، الدكتور أشرف دوابة، أن "المستفيد الأكبر من المعونة هي أمريكا"، موضحا أن "80 بالمائة منها تعود على الشعب الأمريكي و20 بالمائة تعود على مصر، وفقا لتقدير الكونجرس الأمريكي".
 
وأشار الأكاديمي المصري بحديثه لـ"عربي21"، أن أمريكا تستفيد من مرور سفنها التجارية والعسكرية من قناة السويس، وتضطر مصر لشراء المعدات العسكرية الأمريكية والمنتجات الزراعية بأعلى من السعر العالمي بجانب تكاليف النقل والتأمين التي تزيد من التكلفة".
 
وقال دوابه إن "المبلغ الذي حجزته أمريكا من المعونة المقررة لمصر؛ يؤكد أننا في عالم تحكمه المصالح لا القيم، حتى ولو كان تخفيض المعونة بسبب أوضاع حقوق الإنسان أو تعاون النظام مع كوريا الجنوبية".
 
وأكد دوابة أن "الشعب المصري لم يستفد يوما من المعونة الأمريكية التي بلغت 75 مليار منذ عام 1948، ولو استفاد منها لكان استفاد أيضا من معونات الخليج التي بلغت 50 مليار دولار، في شهور عقب الانقلاب العسكري".
 
إلهاء مخابراتي

وأكد أستاذ القانون الدولي، الدكتور السيد أبو الخير، أن "المعونة الأمريكية تأتي تنفيذا لاتفاقية دولية وليس من سلطة الكونجرس تعديلها إلا بإجراءات معينة"، مشيرا إلى أن ما يحدث من ضجة إعلامية هي "شغل مخابراتي لإلهاء الشعب عن ارتفاع الأسعار".
 
وأوضح الخبير الدولي لـ"عربي21"، أن "الأنظمة منعدمة الظهير الشعبي تعيش على صناعة عدو خارجي كي يلتف الشعب حولها؛ ونظام الانقلاب يعرف أنه لا شعبية له لذلك هو يتابع إطلاق الشائعات ليعيش عليها".
 
وأكد أبو الخير أن "المعونة لم ولن تصل للشعب؛ فالعسكرية منها تبلغ مليار دولار عينية تخصص لشراء الأسلحة الأمريكية، ودفع رواتب الخبراء الأمريكان، ما يعني أنها لا تصل مصر من الأساس".
 
وأضاف أن هناك 250 مليون دولار متبقية توزع على قادة المجلس العسكرى وكبار الضباط، وتبنى بها منشآت وأندية القوات المسلحة".
 
وقال: "منذ عام 1979، وحتى الآن، تستخدم المعونة العسكرية لتغيير عقيدة الجيش المصري من محاربة العدو الخارجي (إسرائيل) إلى محاربة الإرهاب، كما تحدده الدوائر الصهيونية في تل أبيب".
 
التعليقات (0)