قضايا وآراء

استقلال كردستان هل يعني بداية تطبيق فعلية لـ"حدود الدم"؟

أحمد كحولي
1300x600
1300x600
عندما جلس سايس وبيكو على طاولة وبدآ برسم حدودنا بعد انهيار الدولة العثمانية، قسما حدود البلاد، ولكن خبث هذه الاتفاقية لم يقتصر على الحدود فقط، بل جعلا لكل دولة تم تقسيمها خنجرا من الأقليات، صالحا للاستعمال حتى في زمن المستقبل.

معظم بلدان الشرق الأوسط توجد بها أقليات وتوجد بها طوائف متعددة، فهناك أكراد، ويزيدون، وأقباط، وأرمن، وشيعة، وأمازيغ، وعلويون، ودروز، وشركس، ونوبيون..

بالطبع هذه الأقليات كانت يوما ما سببا في تقدم الأوطان المسلمة، إلا أن الخطط المحكمة التي أعدها الاستعمار، سيجعلها سببا من أسباب الصراع.

نقطة البدايه هو الحلم الكردي المنشود. فحسب سايكس- بيكو، فقد تفرق الأكراد في عدة دول في مناطق شبه متقاربة، فالأكراد يعيشون في الجنوب التركي والإيراني، وفي الشمال السوري العراقي.

فكرة توحد الأكراد لم تكن في عقل أي كردي، لدرجة أنهم أعجزوا ضابط المخابرات البريطاني "دبليو. آر. هايو" الذي يئس منهم، وذكر ذلك في كتابه الشهير "سنتان في كردستان"، عام 1921م حين قال: "اليوم الذي يستيقظ الكرد وبوعي قوميّ ويتوحدون؛ سوف تتفتت أمامهم الدولة التركية والفارسية والعربية، وتتطاير كالغبار، ولكن مثل هذا اليوم لا يزال بعيد المنال".

الغرب كان يسعى لذلك قبل قرن من الآن، لكنه كان يعلم ببُعد المسافة، وها نحن الآن وقت الجِدّ.

"كردستان مفتاح الغرب لخارطة حدود الدم". فالأكراد هم عصا سحرية للغرب لتغيير خارطة المنطقة من جديد، عكس بقية الأقليات، وذلك لأن الأكراد يمتلكون إقليما مستقلا، ولا ينقصه سوى السيادة الكاملة، وذلك بإعلان الانفصال.

بعض المتعاطفين مع الأكراد يرون أن من حق هذه الأقلية تكوين دولتها. ولكن السؤال: على حساب من ستكون تلك الدولة؟

‏حدود الدم.. وكيف سيبدو الشرق الأوسط..!!

عام 2006 تم نشر دراسة للجنرال الأمريكي المتقاعد رالف بيترز، في مجلة آرمد فورسيس؛ يقول فيها: "إن تقسيم سايكس-بيكو لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لم يكن عادلاـ وإن هناك أقليات تعرضت لهولوكست بسبب هذا التقسيم الجائر، والحل الأمريكي سيعيد التقسيم من جديد على أساس طائفي عرقي بعد انتهاء مئوية سايكس-بيكو"، أي بعد عام 2017.

ولكي يسير مخطط التقسيم، تجب إثارة النعرات الطائفية، بحيث تكون رغبة التقسيم بطلب من الأكراد وبدعم وتمويل أمريكي.

ما حدث في الموصل وحلب، وحاليا في الرقة، جزء لا يتجزأ من مخطط التقسيم، حيث أن أمريكا دعمت الشيعة في العراق لإبادة السنة، تحت مبرر الحرب على داعش.

ومفتاح تقسيم المنطقة يبدأ من العراق، على عكس ما يراه البعض بأنه يبدأ من سوريا. فالعراق أصبح جاهزا منذ تسليم الجيش الأمريكي الحكم للشيعة هناك.

والدول المستهدفة بالتقسيم هي: العراق، وسوريا، وتركيا، وإيران، والسعودية، والإمارات. وستنشأ دول جديدة على الخارطة وستختفي دول.

- دولة كردستان: ستضم كلا من كركوك، وإقليم كردستان، وستضم لها دياربكر ووان التركيتين وأجزاء من سوريا وإيران.

_دولة شيعستان: ستشمل جنوب العراق والأجزاء الشرقية من السعودية، والأحواز.

- دولة سنستان: ستنشأ على ما تبقى من العراق وتدمج مع سوريا.

- دولة بلوشستان: سيتم اجتزاء أراضٍ لها من إيران وباكستان.

- الدولة الفارسية: ستنشأ على أنقاض إيران وأجزاء شيعية من أفغانستان.

- الدولة الإسلامية المقدسة (على غرار الفاتيكان) ستضم مكة والمدينة.

- السعودية ستفقد أجزاء من أراضيها لصالح اليمن والأردن.

- الأردن الكبير: تضاف إلى أراضي الأردن الحالية أجزاء من السعودية والضفة الغربية وجنوب سوريا.

وتركيا تدرك تماما حجم الكارثة الحقيقية المقبلة، وذلك لأنها قد ذاقت سابقا مرارة التقسيم. فالمخطط محكم التنفيذ، ولن أكون مبالغا إن قلت إن تركيا تقف لوحدها لمواجهة هذا المخطط القذر، مثل قيام تركيا بعمليات شمال سوريا، وذلك لمنع اتصال مناطق الأكراد ببعضها (الجنوب التركي مع الشمال السوري).

ومع ذلك فهذا لا يكفي، فربما إن تم إعلان استقلال كردستان؛ أن يتم إعلان حكم ذاتي للأكراد شمال سوريا، وستخضع تركيا صاغرة لمطالب حزب العمال الكردستاني، وربما سيتم منح مناطق الأكراد في تركيا حكما ذاتيا.

جميع دول العالم دون استثناء؛ تبتز تركيا بملف الأكراد، وذلك لأن هذا الموضوع لتركيا مسألة حياة أو موت.

بعد أقل من شهر سيشهد العالم استفتاء للأكراد للانفصال عن العراق، وبقي لدينا رهان أخير على تركيا لإيقاف هذا المخطط، وإلا فإننا سنذهب إلى قعر جحيم الصراعات.
التعليقات (0)