قضايا وآراء

محاصرو قطر .. بين استنزاف الأوراق.. وتآكل الخيارات

أحمد جرار
1300x600
1300x600
ثمة مقولة شهيرة منسوبة لصاحب النظرية النسبية ألبرت أينشتاين بأن "الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين .. بذات الخطوات وبنفس الأسلوب ... ثم انتظار نتائج مختلفة"، وهي مقولة قد لا يكون تجنيا إسقاطها على دول حصار قطر بعد مرور أكثر من ثمانين يوما على واقعة اختراق وقرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية وفبركة تصريحات مكذوبة ونسبها لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

فرغم فشلهم بانتزاع أي تنازل من الدوحة.. حتى في ذروة إجراءاتهم التصعيدية حين أعلن الحصار واستنفرت أبواقهم الإعلامية وأطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تغريداته الشهيرة ... فإن اللافت هو إصرار غرفة عملياتهم على إتباع ذات الأساليب المبتذلة وبذات الخطوات الاستفزازية... ثم انتظار موقف جديد من قطر،

يدرس طلاب العلوم السياسية في سنواتهم الجامعية الأولى أن خوض المعارك العسكرية أو الدبلوماسية وحتى الإعلامية يستدعي وبعد كل محطة مراجعة الأداء وتقييمه لإحصاء المكاسب والخسائر فإذا رجحت الأخيرة فإنه من البديهي أن تلجأ الدول إما إلى تغيير خططها أو تغيير قادتها.. أو كليهما معا ... الأمر الذي لم تفعله حتى الآن أي من دول الحصار.

ما يعني أحد أمرين... الأول أن هذه الدول كانت قد أعدت خطتها بطريقة ارتجالية وعلى أساس فرضية واحدة فقط بأن قطر ستنحني أمام العاصفة وستتخلى كرها عن سيادتها.. لذلك لجأت إلى استنزاف كل أوراق الضغط لديها دفعة واحدة دون الأخذ بعين الاعتبار ولو بنسبة 1% أن هذه الخطة ستفشل، وعندما جاءت رياح الأزمة بما لا تشتهي سفنهم اختاروا إطالة أمدها والرهان على إعادة تدوير أوراقهم وحملاتهم الإعلامية لعل وعسى أن تأتي بنتيجة مختلفة هذه المرة.

الثاني أنهم يعيشون مرحلة تآكل الخيارات وأنهم عاجزون حقا عن إيجاد مخرج يمكن تسويقه لاحقا أمام جمهورهم على أنه انتصار.. ويمكن له بنفس الوقت أن يخرجهم من المأزق الذي علقوا فيه، بعد عجزهم عن تسويق بضاعتهم وتهافت المبررات التي ساقوها لشن حملتهم على قطر لا سيما ما تعلق بعلاقة الدوحة بطهران، لذلك اختاروا المكابرة والإصرار على جملة الإجراءات العدائية التي اتخذوها ضد قطر رغم الثمن الباهظ الذي باتوا يجبرون على دفعه بسببها لا سيما الإمارات التي باتت تفقد المكانة التي عملت سنوات طويلة لترسيخها بوصفها المركز المالي الأكثر جاذبية وأمانا في المنطقة.

على أن قراءة أخرى لأداء دول الحصار قد تحتمل تفسيرا ثالثا، بأنهم لا يدركون حقا أنهم خسروا المعركة دبلوماسيا وسياسيا وأخلاقيا وإعلاميا أمام قطر، وبأن هذه الدولة الصغيرة وبقيادتها الشابة نجحت في تفكيك حصارهم وتشكيل رأي عام إقليمي ودولي مؤيد لها وبفضح انتهاكاتهم للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية بل وبتعرية خطابهم الإعلامي وبتلقينهم درسا قاسيا في كيفية إدارة معركة كسب العقول والقلوب.

وبأن الوهم الذي يسوقونه ليل نهار على فضائياتهم وصحفهم وكبار مغرّديهم قد أقنعهم حقا بأن المعارك الكبرى يمكن حسمها بتقرير مفبرك وبضيوف مأجورين وبحملات عامة مشبوهة وبقوائم إرهاب لا يلتفت لها أحد .

0
التعليقات (0)

خبر عاجل