مقالات مختارة

السيسي في حلايب.. تصعيد جديد

ياسر محجوب الحسين
1300x600
1300x600
أثارت الأنباء التي تتحدث عن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمثلث حلايب المتنازع عليه بين السودان ومصر، عاصفة من الاحتجاجات في السودان أبرزتها وسائل الإعلام السودانية خلال الأيام الماضية، مما ينذر بموجة تصعيدية جديدة بين البلدين. وأوردت مصادر صحفية في لندن أن الدائرة الضيقة حول السيسي تبحث مقترحا قدمته جهة سيادية، بأن يقوم بزيارة للمثلث (حلايب - شلاتين - أبورماد) لتأكيد مصريته، ووضع السودان تحت الضغط، الأمر الذي يدفعه للتعاون مع مصر في ملف سد النهضة لصالح الطرف المصري.

الظرف السياسي الإقليمي الدقيق ربما شجع القاهرة على ممارسة المزيد من الضغوط على الخرطوم، التي تتنازع معها السيادة على المثلث الذي دخلت أزمته طورا جديدا منذ عام 1995م، حيث فرض الجيش المصري سيطرته على المثلث (22 ألف كيلومتر مربع)، ومضت القاهرة قدما في سياسة تمصير المثلث.

ويثير موقف السودان من الأزمة الخليجية استياء الرياض التي تقود التحالف ضد قطر؛ إذ كانت ترغب في انحياز الخرطوم لمعسكرها. والرياض بالإضافة لانحياز القاهرة الواضح لمعسكرها مَدينةٌ لمصر بعد تنازلها لها عن جزيرتي تيران وصنافير على البحر الأحمر. والأمر الخطير بالنسبة للخرطوم أن الاتفاق بين الرياض والقاهرة بشأن الجزيرتين تضمن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين؛ حيث وقعت الرياض على خرائط الترسيم التي تعتبر مثلث حلايب أراض مصرية، الأمر الذي شكل دعما سعوديا للقاهرة في نزاعها مع الخرطوم حول المثلث.

وزيارة السيسي للمثلث لو تمت ستنقل التصعيد بين البلدين إلى مربع جديد، مختلف عما هو سائد منذ تفجر الأزمة في خمسينيات القرن الماضي في أعقاب استقلال السودان عن بريطانيا. وبالفعل طالبت قيادات سياسية سودانية الرئيس عمر البشير بزيارة المثلث ردا على زيارة السيسي تأكيدا لسودانيته. وأودع السودان يوليو الماضي إخطارا لدى الأمم المتحدة، اعتبر فيه الوجود المصري في المثلث سلطات احتلال ورفض الاعتراف بأي حقوق لطرف ثالث بناء على تصرفات القاهرة.

ومما يثير قلق الخرطوم التي تقول إنها تمارس أقصى درجات الانضباط والتحكم في النفس، إصرار القاهرة على سياسة فرض الأمر الواقع. فقد خصصت الحكومة المصرية نحو 60 مليون دولار أمريكي، لتنمية وإعمار المثلث. وأكد وزير الإسكان المصري أنه جارٍ العمل على الانتهاء من تنفيذ 500 وحدة سكنية في آخر شهر أيلول/سبتمبر القادم، فضلا عن 600 وحدة أخرى من المتوقع الانتهاء منها خلال شهر أيلول/سبتمبر من العام القادم في كل من حلايب وشلاتين وأبو رماد.

وتقول الخرطوم إن القاهرة تقوم بفرض منح الجنسية المصرية على المواطنين في المنطقة، وأنها كثفت من حملاتها ضد المواطنين الذين يظهرون تمنعا، حيث تم اعتقال 222 شخصا، وتقديمهم للنيابة التي بدورها أحالتهم إلى الجهات الإدارية. معتمد مثلث حلايب (المسؤول الإداري) المعين من الجانب السوداني يقول إنه ليس من حق السلطات المصرية منع السودانيين العاملين في مجال التعدين من ممارسة ما وصفه بحقهم الطبيعي داخل أراضيهم.

وفي كانون الثاني/يناير الماضي، جدد السودان شكواه لدى مجلس الأمن الدولي بشأن حلايب، وظل هذا إجراء يقوم به السودان سنويا. وتقول الخرطوم إنها طرحت على القاهرة عدة حلول منها خيار الحوار المباشر ليبرز كل طرف ما لديه من وثائق، أو خيار اللجوء للمحكمة الدولية المختصة بقضايا الحدود، أو خيار التحكيم الدولي، بيد أن القاهرة ظلت ترفض هذه المقترحات. وتعتبر فعاليات سودانية أن رفض هذه الخيارات، يثبت سودانية المثلث وينفي امتلاك مصر أي وثائق تؤكد أحقيتها بالمنطقة.

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)