جاءت تصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي رفض فيها الانسحاب العسكري من
الضفة الغربية في حال تم التوصل لأي اتفاق مع
الفلسطينيين، لتلقي بظلال من الشك على ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لإقامة "كيان فلسطيني".
وتطرح التطورات الأخيرة تساؤلات عن ملامح هذا الكيان أو الدولة التي يسيطر عليها الاحتلال بحكم الأمر الواقع، لتصبح مدنها وبلداتها كالجزر البرية المنفصلة عن بعضها بفعل المستوطنات التي تحيط بها.
شمال الضفة أولا
ويقول أستاذ العلوم السياسية أيمن يوسف؛ إن الأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل على الأرض يمنع قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، بفعل المستوطنات ومصادرة الأراضي.
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21" أنه في حال تم إعطاء الفلسطينيين دولة، فستتركز مساحتها في شمال الضفة الغربية، وتحديدا في محافظة جنين، مع أجزاء من نابلس وطولكرم والخليل وبيت لحم ورام الله وأريحا.
وأوضح يوسف أن هذه المناطق التي ستعطى للفلسطينيين منفصلة عن بعضها بسبب المستوطنات والطرق الالتفافية الإسرائيلية، وبالتالي سيكون التواصل بين أجزائها عبر مسارات وممرات آمنة. أما بالنسبة للمستوطنات، فسيتم تجميعها في أربعة تكتلات استيطانية ضخمة في الضفة الغربية، وفق تقديره.
وكان الكاتب الإسرائيلي أليكس فيشمان؛ قد نشر مقالا في صحيفة يديعوت أحرونوت، تحت عنوان "شمال الضفة هي البداية"، كشف فيه عن صفقة أمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يساهم في إعدادها جيسون جرينبلت، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط.
وذكر فيشمان أن مبعوث ترامب قام مؤخرا بجولة سرية وحساسة جدا من الناحية السياسية، لشمال الضفة المحتلة، والتي أخلتها إسرائيل عام 2005، مصطحبا معه منسق حكومة الاحتلال للضفة وغزة مردخاي فولي.
وقال فيشمان، إن الحديث يدور عن نقل مناطق من السيطرة الإسرائيلية للسيطرة الفلسطينية "مدنية فقط"، بمعنى نقل مناطق "ج" وتحويلها إلى "ب"، وهذا أمر ممكن بالنسبة لإسرائيل، منوها إلى كلمة ترامب خلال زيارته إلى تل أبيب، بإشارته إلى "منطقة شمال الضفة يمكن لإسرائيل أن تقوم فيها بخطوة".
ووفق اتفاق أوسلو للسلام، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، تشكل المنطقتان "أ" الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة و"ب" التي تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية نحو 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية، والباقي تصنف كمناطق "ج"، وهي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وأضاف الكاتب الإسرائيلي: "هذه الخطوة ضمن جملة الصفقة الأمريكية الكبرى مع العالم العربي"، مشيرا إلى تسريب للقناة العاشرة، يتحدث عن طرح أمريكي نقل سيطرة مناطق في شمال الضفة الغربية. ووفق فيشمان، فإن الحديث لا يدور عن تغييرات جوهرية على الأرض، وإنما عن أراض صغيرة.
دولة بدون سيادة
بدوره، قال المحلل السياسي عثمان عثمان، إن شكل الدولة الفلسطينية بنظر الرئيس الأمريكي ليست واضحة، وهي متروكة للتفاوض بن الفلسطينيين والإسرائيليين.
ونوه في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن الدولة الفلسطينية "لن تكون على جميع الأراضي التي احتلت عام 1967، كما أن هذه الدولة لا تمتلك السيادة الكاملة على هذه الأراضي تحت أي ظرف من الظروف"، كما قال.
وأضاف أن من السمات الواضحة لهذه الدولة التي لن يعارضها ترامب، "أن تكون مقطعة الأوصال والأجزاء بحكم المستوطنات التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها وبدون مدينة القدس؛ وهناك قرار إسرائيلي واضح بألا يكون لهذه الدولة أي اتفاقات دفاع أو تحالفات عسكرية مع أي دولة أخرى، حتى لا تشكل لاحقا أي خطر على دولة إسرائيل".
حكم بلديات
وقال الكاتب والمحلل السياسي نشأت الأقطش، إن "أي فكرة أو مخطط يتم طرحه على الفلسطينيين يأتي ضمن طروحات حل إقليمي، وليس لحل القضية الفلسطينية".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"، أن "الحديث عن دولة فلسطينية تتركز في شمال الضفة لم يعد مشروعاً وإنما رؤية إسرائيلية، ولا تهدف هذه الرؤية لإقامة دولة، وإنما توسيع صلاحيات البلديات المتواجدة في كنتونات فلسطينية، مثل بلدية نابلس والخليل ورام الله"، على حد قوله.
شبه دولة
بدوره، قال المحلل السياسي صقر الجبالي، إن رؤية ترامب لدولة فلسطينية قريبة من رؤية نتنياهو، "ولا أعتقد أنه يتحدث عن أي شيء اسمه دولة فلسطينية بقدر ما أنه يتحدث عن شبه دولة تكون بدرجة أولى تابعة لإسرائيل"، وفق تقديره.
منوها في حديثه لـ"
عربي21"، إلى أن "من يتحدث عن دولة كهذه لا يريد الحديث عن شيء اسمه عملية السلام، ولا أعتقد أن القيادة الفلسطينية ستقبل بطرح كهذا".